بعد سلسلة من الأنشطة الميدانية داخل المؤسسات التربوية ، نظمت جمعية الوفاق للعمل الإجتماعي مساء أمس السبت 12 يناير 2013 ، ندوتها الفكرية الأولى بقاعة الندوات دار الثقافة ، تحت عنوان " المدرسة و أهمية الوساطة المدرسية " هذه الندوة أطرها كل من الدكتور مصطفى شكدالي ، أستاذ باحث في علم النفس الإجتماعي ، و الأستاذ عبد اللطيف بييا ، مفتش التخطيط التربوي بنيابة تطوان . و قد شكل موضوع الوساطة المدرسية الأرضية الأساسية للندوة ، باعتبارها أهم الحلول العملية لمواجهة مختلف المشاكل التي يتخبط فيها التعليم بالمغرب ، و التي تنعكس سلبا على مردودية التلميذ و تفاعله الإيجابي مع المحيط . ففي المداخلة الاولى ، و التي ألقاها الأستاذ عبد اللطيف بييا ، صرح من خلالها على أن حصيلة تطور المنظومة التربوية تعد نوعا ما إيجابية ، لكنها لا تخلو من نقائص و سلبيات تؤثر على ما هو إيجابي ، من جملة ذلك الهدر المدرسي ، و هو ما استدعى تدخلا استعجاليا من الوزارة لإيجاد حل له عبر سلسلة من الإصلاحات ، كان آخرها الميثاق الوطني للتربية و التكوين ، و الذي لم يحقق كل أهدافه بتاتا ، مما اضطر أصحاب القرار إلى اتخاذ إجراءات تسريعية للإصلاح تحقق بقية الأهداف و هو ما أفرز ما يسمى بالبرنامج الإستعجالي . كما عالج الأستاذ المحاضر مسألة خلايا اليقظة بالمدارس ، و التي تم خلقها لإيجاد حلول للمشاكل المطروحة داخل محيط المدرسة ، إلا أنها ، و حسب تعبيره ، غير مفعلة ، أو مفعلة جزئيا ، باعتبار التفاوت في الآداء الحاصل بين المؤسسات ، كما أشار إلى كونها غير مؤهلة لإيجاد الحلول للمشاكل المطروحة خاصة المتعلقة بالقضايا الإجتماعية و النفسية ... و لأجل حل هذا الإشكال تم اللجوء إلى عقد اتفاقيات مع هيآت المجتمع المدني لتوفرها على أطر متخصصة في هذه المجالات ، و من ثمة جاء السعي إلى تحويل الإتفاقيات إلى برنامج عمل " المواكبة المدرسية " و التي تأتي " الوساطة المدرسية " كمكون أساسي له إلى جانب الدعم الإجتماعي ، الجانب التعبوي ، و جانب الأنشطة الموازية . المداخلة الثانية للدكتور مصطفى شكدالي ، ركزت على مفهوم المدرسة التي اعتبرها مؤسسة شيأوية ، لا وجود لها في غياب مشروع مجتمعي ، و تساءل عن حقيقة وجود مشروع مجتمعي ، و أكد بأن المغرب لا يضم مفهوم المدرسة ، بل في حقيقة الأمر هو يضم مدارس ، و هذا ما كرس مضمون التراتبية في المدرسة بشكل عام ، ليخلص إلى أن المدرسة المغربية هي مجال للتشتت و التعدد . و أكد الدكتورعلى أن المدرسة إنما هي انعكاس لمجتمع يتشتث ، لذلك فلا غرابة أن تكون المدرسة مريضة شانها شأن كل المؤسسات في المجتمع المغربي ، و برهن على كلامه بتناول مصطلح " استعجالي " في إحالة على المخطط الأخير ، باعتباره مصطلحا يضم حمولة تفيد المرض . من زاوية أخرى أشار الدكتور إلى أن مجتمعنا هو مجتمع يعالج قضاياه بعقلية مؤقتة أو ديمومة مؤقتة ، و أن الإشكاليات ليست بإشكالية مخطط أو برنامج ، و إنما هي إشكالية من يخطط لتلك البرامج في ظل غياب مشروع مجتمعي حقيقي ، و في ظل إقصاء متعمد لعلماء النفس الإجتماعي و البيداغوجيين في كل التعديلات التي تؤجرأ داخل المنظومة التربوية . و ختاما أكد الدكتور المحاضر على أن هناك أزمة تواصل و ليس اتصال ، منهيا مداخلته بخلاصة مفادها : " النجاح الإنتخابي هو تعويض عن الفشل الدراسي ، فكيف يمكن توقع الإصلاح المدرسي من فاشلين دراسيا ؟ ". جمال سماحي