استغرب عدد من الخبراء الإسبان والأجانب، المهتمين بالمآثر التاريخية، في أحاديث إلى «المساء»، الحالة المتردية التي وصلت إليها المباني التاريخية والتراث الإنساني المهمل في مدينة تطوان. أكدوا ضرورة إيلاء اهتمام كبير للمدينة المسجلة ضمن التراث العالمي للبشرية. وأعرب بعض المشاركين في المؤتمر الدولي الثاني حول المدن التاريخية المسجلة في التراث العالمي للبشرية الذي يقام حاليا في مدينة قرطبة الأندلسية، والذي تشارك فيه تطوان، أنهم تفاجئوا مؤخرا بهذا الإهمال «الفظيع»، بعد زيارات خاصة قاموا بها ل«الحمامة البيضاء»، حيث أصبحت أبرز شوارع المدينة، المدرَجة ضمن التراث الإنساني ل«يونسكو»، ك«إلإنسانشي»، أسواقا عشوائية للباعة المتجولين، فيما تتعرّض عدد من المباني، التي تُشكّل معالم تاريخية، للإهمال، كتمثال «الفينيدق»، المتواجد بالفدان، والذي تمت صباغته بصباغة خضراء «ردئية»، بينما تحوّلَ محيط الجدران المحيطة بالمدينة العتيقة، التي أنفقت من أجل ترميمها ميزانيات مالية ضخمة، إلى ساحات خاصة ب»الفْرّاشة» من الباعة المتجولين وبائعي السلاحف وفئران «الهامستر».. وتساءل محدثونا ما الذي ستقدمه مدينة تطوان للمشاركين في هذا المؤتمر الدولي، الذي يتوخى، حسب المنظمين، «إعطاء ديناميكية شبكات المدن التاريخية المسجلة في التراث العالمي للبشرية وتحليل المشاكل والتحديات التي تواجهها هذه المدن التاريخية». فيما سيُقدّم أستاذ جامعي من تطوان، مساء اليوم الخميس، عرضا تاريخيا في مؤسسة «البيت العربي» في قرطبة حول «التراث الاستعماري للمحمية الإسبانية: حالة تطوان». وقد أدرجت منظمة «يونسكو» في سنة 1997، مدينة تطوان ضمن قائمة «يونسكو» للتراث العالمي، حيث تزخر المدينة بالتأثيرات الأندلسية البارزة جليا في الهندسة المعمارية والفنون بصفة عامة، فيما تعتبر المدينة العتيقة لتطوان، والتي تعيش حاليا وضعا «مأساويا»، من أصغر المدن العتيقة المغربية وأكملها، إذ انفردت ببعدها عن التأتيراث الخارجية. وكان الاتحاد الأوربي قد صادق على مشروع يتعلق بنشر خريطة للتراث الخاص بمدينة تطوان بمناسبة احتفالها بذكرى انضمامها إلى قائمة التراث العالمي، في إطار برنامج «أوروميد» للتراث الرابع. وأفاد محدثونا الإسبان أن نشر الخريطة الخاصة بتراث المدينة القديمة وشارع «إلإنسانشي» في تطوان كان من المرتقب أن يتم في الفترة ما بين 17 و21 دجنبر الماضي، حيث ركز مشروع التراث المشترك على إطار محدد للتراث الذي يعود إلى القرنين الماضيين. وحظي المشروع المذكور بتمويل الاتحاد الأوربي بميزانية تقدر ب17 مليون أورو، لمدة أربع سنوات، بهدف المساهمة في تبادل التجارب في مجال التراث الثقافي وإنشاء شبكات وتعزيز التعاون مع بلدان الشراكة في البحر الأبيض المتوسط. وتمثل تطوان المغرب في المؤتمر الدولي الثاني حول المدن التاريخية المسجلة في التراث العالمي للبشرية، الذي سيستمر إلى غاية اليوم الخميس، حيث شارك في هذا المؤتمر، المنظم من قبل بلدية قرطبة بتعاون مع جامعة قرطبة، حوالي 100 من الخبراء وممثلين «يونسكو» ومدن مسجلة ضمن التراث العالمي من خمسة بلدان، وهي إيبورا (البرتغال) وليون (فرنسا) وماتيرا (إيطاليا) وبويبلا (المكسيك) إضافة إلى المدن الإسبانية سان كريستوبال ديلا لاغونا، وسانتياغو دي كومبوستيلا ومدينة قرطبة. واستعرض ممثلو الإدارات المحلية في هذه المدن وخبراء أكاديميون وخبراء في منظمة التربية والعلوم والثقافة (يونسكو) خلال هذا المؤتمر التجارب والأبحاث في مجال المحافظة على هذا التراث البشري ومناقشة إستراتيجيات التدبير والتحديات المستقبلية. المساء