الثقافة والفنون في بعض الحكومات في العالم العربي لاتحتل مكانة في برامجها ولاتعتبر من أولوياتها وفي نفس الوقت نجد دول أخرى تقدم الدعم والرعاية باعتبار الثقافة جزء من تكوين الشخصية المتسلحة بالعلم والمعرفة كما لها مردود اقتصادي في منظومة السياحة الثقافية والتي تحظى باهتمام الكثيرون بحيث تحولت المراكز الثقافية والمسارح والمتاحف الى عوامل جذب اساسية تساهم في انعاش اقتصادياتها على المدى البعيد , بعض دول الخليج وبصفة خاصة الإمارات العربية المتحدة التي اتجهت منذ سنوات الى رصد استثمارات ضخمة من اجل تشييد العديد من المراكز الثقافية والفنية وبصفة خاصة المتاحف, أبرزها متحف اللوفر أبوظبي والذي تم افتتاحة رسميا في 8 نوفمبر وفي 11 نوفير سوف يفتح أبوابه للجمهور وقد واجه معارضة من قبل 5000 من المثقفين والفنانين الفرنسيين باستخام اسم اللوفر باعتباره يتعارض مع القيم والمعاييير الفرنسية وبالرغم من ذلك صادق البرلمان الفرنسي على اتفاقية التعاون بين باريسوأبوظبي بحيث يتم استخدام اسم اللوفر لمدة 30 عاما مقابل مبلغ وقدرة 400 مليون يورو يدفعة الجانب الإماراتي, بلغ تكلفة تشييد متحف اللوفر أبوظبي يحتل مساحة 24000 متر مربع منها 9200 متر مربع من قاعات العرض وبلغ تكلفتة أكثر من مليار دولار بعد الانتهاء الفعلي من جميع الإنشاءات. من تصميم المهندس المعماري الفرنسي جان نوفيل كما يتوقع ان يستقبل مطار أبوظبي 45 مليون مسافر سنويا بعد افتتاح متحف اللوفر أبوظبي وهذا بحد ذاته يشكل رافد اقتصادي قوي ارادت به الامارات العربية المتحدة إيجاد مصادر دخل بديلة بحيث استبقت الانعكاسات السلبية على النمو الاقتصادي التي قد تسببها جفاف أبار النفط في المستقبل, في الطرف الأخر من الجغرافية العربية وخاصة في شمال إفريقيا اهتمت المغرب بتنشيط الحركة الثقافية والفنية وخاصة في التوسع في تشييد المراكز والمتاحف حيث تم افتتاح متحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر في 25 سبتمبر 2014 ومازل العمل قائما على إنجاز بعض المشاريع الثقافية والفنية على مستوى المغرب, في مدينة تطوان الواقعة في شمال المغرب تم اعادة افتتاح مركز تطوان للفن الحديث في 20 نوفمبر عام 2013 بعد اجراء ترميمات واسعة في الفترة من 2005 الى 2012 , مبنى أنيق يتميز بلونه الابيض وتقاطعات الأشكال الهندسية باللون الأخضر, صممة المهندس المعماري الإسباني خوليو رودريغيث وتم افتتاحة في 4 مايو 1918 على أرضية كانت تستخدم كمحطة القطار القديمة في تطوان, يقع هذا المركز في شارع المسيرة في نقطة استراتيجية بين المدينة العتيقة والمدينة الإسبانية الحديثة والاحياء السكنية الجديدة الواقعة في جنوبالمدينة, يجمع هذا المبنى بين الأسلوب المعماري المغربي الأصيل والمعمار الإسباني حيث تم تحويلها الى مركز تابع لوزارة الثقافة المغربية وبمساعدة مؤسسة الثقافات الثلاث للبحر الأبيض المتوسط وحكومة مقاطقة أندالوسيا التي مولت تأهيل هذا المركز من ضمن برنامج التعاون الدولي وهي بادرة إيجابية في توطيد علاقات الجوار بين المغرب وإسبانيا, تجولنا في صالات هذا المركز الذي يتكون من طابقين وفي صالاتة معروض 200 لوحة تشكيلية و19 منحوتة عبر تسلسل تاريخي لمختلف المدارس والتيارات , كل هذه الأعمال تمثل نتاج للتجربة الفنية التي أحتضنتها مدينة تطوان وهي جزء من تاريخ الفنون التشكيلية المغربية. المدرسة الاعدادية للفنون الجميلة بتطوان تم تأسيسها بشكل غير رسمي في عام 1945من قبل مديرها الأول الفنان الغرناطي ماريانو برتوشيو وبعد عام اتخذت الصفة الرسمية وكانت البدايات الأولى في انعاش الحركة التشكيلية في هذه المدينة. ماريانو هو مؤسس مدرسة تطوان التشكيلية واحد روادها, زار مدينة تطوان في 13 ديسمبر عام 1889 واستقر فيها منذ عام 1928 حيث تم تعيينة مفتشا للفنون الجميلة والحرف الثراثية حتى وفاته في عام 1955 قبل عام من استقلال المغرب ونهاية الحماية الإسبانية, تمكن برتوشي في إعداد الكثير من الأعمال القريبة من الواقع وشجع الإبداعات الفنية للشباب المغربي , يعتبر شاهدا على تلك المرحلة من الحياة اليومية بالمغرب, في عام 1972 تأسست الجمعية المغربية للفنون التشكيلية التي انضم اليها أربعون فنان وقامت بنشاط مكثف في مجال التبادل الفني مع البلدان العربية والتعريف بالفن التشكيلي المغربي في الخارج, مدرسة تطوان كان لها تأثير هام في أسلوب الفنانين الشباب في تلك الفترة واستفادو من حركة التبادل الثقافي العائد للوضعية الجديدة للمغرب, في عام 1977 بدأ الفنانون المغاربة الذين درسوا في إسبانيا وبلجيكا وفرنسا في العودة الى المغرب وانطلقت معها تجارب وتيارات فنية جديدة, هذا المركز يعتبر نتاج جهود وعطاء أجيال كثيرة ساهمت في إنعاش الحركة الفنية في المغرب وشاهد على حيوية ونشاط المبدعين في مختلف التيارات الفنية والتشكيلية.