لا يختلف اثنان على كون السياسة قد أضحت ملجئ عينة ممن ينتهزون الفرص، ومهنة من لا مهنة له . مما يستوجب وضع ضوابط للمنتخبين ومطالبة وزارة الداخلية بجعل التوفر على شواهد التحصيل العلمي و شواهد العمل شرطا أساسيا لقبول ترشحهم لمناصب المسؤولية ، حتى لا ينحصر هدفهم في العمل بالسياسة، لأن السياسة ممارسة وعمل تطوعي، وليس مهنة للاسترزاق و الانعتاق من براثن الأزمة. كما يستوجب فرض شهادة السلامة من الأمراض النفسية والعقلية حتى لا يلج المجانين الحقل السياسي ، إلى جانب فرض مبدأ المحاسبة عبر تفعيل "من أين لك هذا ؟ " ، حتى لا يختبئ كل من هب ودب خلف الدكاكين السياسية، وتقمص شخصية المناضل، والسعي إلى تبييض الأموال السوداء، مع ضرورة فرض سن محددة للترشح، حتى لا تشيخ السياسة في بلدنا مستقبلا. ومع أن بلادنا تعيش ركودا وأزمة اقتصادية، فلا زال البذخ يميز تعويضات ورواتب الدائرين في فلك الحكومة، مما يحتم علينا مطالبة المسؤولين بمراجعة الجوائز الشهرية التي يمنحونها للوزراء و البرلمانيين والمستشارين و المدراء العامين و..و…، وأن يخصصوا لهم في المقابل أجرة متواضعة ومقبولة، لتكشف عن مدى تشبثهم بوطنهم، بدل اللجوء للاستقرار بكندا. وحيث أن الدولة تغطي مصاريفهم في التنقل، والسكن، والكازوال، والتأمين، فأظن أن أجرة "السميك" كالسواد الأعظم من الشعب، سوف تكفيهم لتغطية مصاريف أسرهم كسائر الأسر المغربية، أقلها حتى لا تكون هناك فوارق اجتماعية بين خدام الأمة ومن صوت عليهم . ولعل هذه الإصلاحات سوف تكون كذراع واق للدولة من الانتهازيين والمرتزقة، وستجعلنا نميز بين من يحب خدمة الوطن ومن يريد استغلال كعكة الوطن ، وبالتالي فمن لم يقتنع بالأجرة فما عليه إلى أن يرحل عن السياسة وليمارس التجارة، أو ليبحت عن طريقة للاغتناء السريع ، بدل الاسترزاق بمعاناة وهموم المواطن . وطبعا فكلنا يعلم أن الساسة ببلادنا، لهم غيرة على هذا الوطن، ويحبون حلاوة الوطن وخدمته ، وبالتضحية لن يكون هناك حرج في تقليص رواتبهم، وتخصيص أجرة لهم كسائر المواطنين . لأنهم يعلمون على أن الوطن يخدم بروح الغيرة، وبعيدا عن الجشع ، تماشيا مع شعار " النضال والتضحية من أجل الرقي بالوطن و بالطبقة الشعبية " .