بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد أشرف المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين. هذه بعض الوقفات اخترتها لأننا نحتاج فيها إلى التأمل وإعادة النظر في أحوالنا، والعمل عل تصحيح أخطائنا، وتحسين تصرفاتنا، وتغيير سلوكنا. الوقفة الأولى: عدم تلبية النداء: إن مما يدمي القلب ويحزن النفس، أن نرى أشخاصا رغم حلول وقت الصلاة، لا يتحركون من أماكنهم إلا من رحم ربي بل يستمرون فيما هم فيه من لعب أو حديث أو فرجة. وقد يكونون أحيانا مجاورين للمسجد، ويسمعون الأذان بوضوح، وليس لهم أي عذر للتخلف عن الصلاة، فيخرجونها عن وقتها، والله تعالى يقول:﴿ إِنَّ 0لصَّلَٰوةَ كَانَتْ عَلَى 0لْمُؤْمِنِينَ كِتَٰباً مَّوْقُوتاً﴾، كما أنهم يضيعون على أنفسهم فرصة لجمع الحسنات، بتأديتهم صلاة الجماعة التي تفضل صلاة الفذ. عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :(صلاةُ الجماعةِ تَفضُلُ صلاةَ الفَذِّ بسبعٍ وعشرين دَرَجَةً) [ صحيح البخاري/ موقع الدرر السنية]. فهل يعقل أن ينشغل المسلم بأمور تافهة ويفضلها على الصلاة؟ وهل يعقل أن يستبدل الخسارة بالربح الوفير؟. عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( مَن صلَّى للَّهِ أربعينَ يومًا في جماعةٍ يدرِكُ التَّكبيرةَ الأولَى كُتِبَ لَه براءتانِ : براءةٌ منَ النَّارِ ، وبراءةٌ منَ النِّفاقِ) [صحيح الترمذي/ موقع الدرر السنية]. الوقفة الثانية: مسؤولية عظيمة: إنها مسؤولية كبيرة وحمل ثقيل، فهل نحن نقوم بها على الوجه الأكمل، أم نحن من المفرطين فيها؟. عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (كلُّكم راعٍ فمسؤولٌ عن رعيتِه ، فالأمير الذي على الناسِ راعٍ وهو مسؤولٌ عنهم، والرجلُ راعٍ على أهلِ بيتِه وهو مسؤولٌ عنهم، والمرأة راعيةٌ على بيتِ بعلِها وولدِه، وهي مسؤولةٌ عنهم، والعبدُ راعٍ على مالِ سيدِه وهو مسؤولٌ عنه، ألا فُكلكم راعٍ وكلكم مسؤولٌ عن رعيتِه) [ صحيح البخاري/ موقع الدرر السنية]. إن ما نلمسه في أبنائنا جهلهم بأمور دينهم، فهم لا يعرفون من الدين شيئا مقارنة بما يعرفونه من أخبار المغنين والمغنيات، والممثلين والممثلات، والرياضيين والرياضيات. وذلك لأننا أهملنا واجبنا نحوهم، وفرطنا في مسؤوليتنا تجاههم، ولقد اهتممنا بهم من الناحية الدراسية، والجسمانية، والترفيهية، ولم نعط للتربية الدينية حقها، فلا جلسنا معهم جلسة عائلية للمناقشة والتحاور في الدين، ولا أدخلناهم دور القرآن، ولا علمناهم ماذا يختارون من برامج التلفزة أو لأنترنت، بل تركنا الحبل على الغارب. وكانت النتيجة أنهم نشأوا بعيدين عن الدين، لا يعرفون عنه إلا القليل والقليل جدا، ولا يؤدون شعائرهم الدينية إلا بالتقليد. فالحذر الحذر من هذا الإهمال، والبدار البدار إلى تعليم أولادنا أمور دينهم منذ الصغر. الوقفة الثالثة: النظافة من الإيمان: أين نحن من هذه العبارة الجميلة، إننا لا نرى لها تطبيقا في واقعنا، فالأزبال والقاذورات في الدروب والأزقة والشوارع، والقمامات والنفايات في الحدائق والمتنزهات، والأدهى والأمر أنك ترى بعض الأشخاص يأتون بقمامتهم إلى الصندوق الخاص، وبدل أن يكلفوا أنفسهم فتح الغطاء ورميها داخل الصندوق يضعونها أمامه على الأرض، فيكونون بذلك قدوة سيئة لغيرهم الذين يقلدونهم في فعلتهم، فتمتلئ الأرض بالأزبال ويبقى الصندوق فارغا!!. ألا يعرف هؤلاء أن إماطتهم الأذى عن الطريق صدقة، بينما هم يضعونه!!. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كلُّ سُلامَى من الناسِ عليه صدقةٌ، كلُّ يومٍ تطلُعُ فيه الشمسُ، يعدلُ بينَ الاثنينِ صدقةٌ، ويعينُ الرجلَ على دابتِه فيحملُ عليها، أو يرفعُ عليها متاعَه صدقةٌ، والكلمةُ الطيبةُ صدقةٌ، وكلُّ خطوةٍ يخطوها إلى الصلاةِ صدقةٌ، ويميطُ الأذَى عن الطريقِ صدقةٌ)[ صحيح البخاري/ موقع الدرر السنية]. الوقفة الرابعة: اتباع الجنائز: هل نظرت أخي المسلم ولو للحظات في حالة بعضنا ونحن نتبع الجنازة؟ ضحك، ومزاح، وأحاديث فارغة عن أمور الدنيا، في موقف يتطلب منا التذلل والانكسار، والتفكر والتدبر، والاعتبار والاتعاظ، والدعاء والتضرع، ونحن نرى هذا النعش فوق الأكتاف، ونفكر في أننا لا بد محمولون عليه في يوم من الأيام، وأن الموت قد يداهمنا في أي لحظة، فماذا أعددنا لذلك اليوم؟. قال سبحانه وتعالى : ﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۖ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ﴾.[ العنكبوت 57] رأى بعض السلف الصالح رجلاً يضحك في جنازة فقال: «أتضحك وأنت تتبع الجنازة؟ لا كلمتك أبداً». الوقفة الخامسة: لم التدافع والتزاحم؟ هناك سؤال يجب أن نطرحه على أنفسنا وهو: متى سننتظم؟ إننا لا نعرف إلا التدافع والتزاحم، عند ركوب الحافلات أو سيارات الأجرة، عند الخروج من المساجد، في المصالح الإدارية، وأمام المتاجر خاصة خلال المواسم، وفي الأسواق، وفي الدروب والأزقة، فلا أحد يحترم شيخا أو امرأة، أو يعطف على طفل أو مريض، كل يريد أن يكون السابق لقضاء مصالحه، مما ينتج عنه مشادات كلامية وسب وشتم، وأحيانا مشاجرات بالأيدي. الوقفة السادسة: الهاتف المحمول: عجبا أن ترى الشخص ممسكا بالهاتف النقال صغيرا كان أم كبيرا، امرأة كانت أم رجلا ساعات طويلة لا يرفع عينيه عنه، سواء كان في الشارع أو في المنزل أو في المقهى، أو ينتظر دوره في عيادة أو مصلحة، فماذا يفعل؟ لا شك أنه سيبحث في هاتفه عن لعب ليمضي بها وقته، أو يكتب رسائل، أو يشاهد مقاطع مختلفة، أو يستمع إلى أغان متنوعة، أو غير ذلك مما لا نفع فيه، فتنقلب هذه النعمة إلى نقمة. لقد تطورت الهواتف وأصبح باستطاعة كل واحد أن يحمل فيها القرآن الكريم، والسيرة النبوية، والكتب المفيدة، والدروس والمحاضرات وغير ذلك. فلماذا لا نستغل هذه النعمة التي بين أيدينا فيما يفيدنا ويعود علينا بالنفع، بدل أن نصرفها فيما يضرنا؟ فالوقت هو الحياة، وكل مسلم سوف ُيسأل عنه يوم القيامة. عن أبي بزرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا تزولُ قدَما عبدٍ يومَ القيامةِ حتَّى يُسألَ عن أربعٍ : عن عُمرِهِ فيمَ أفناهُ ؟ وعن علمِهِ ماذا عمِلَ بهِ ؟ وعن مالِهِ مِن أينَ اكتسبَهُ ، وفيمَ أنفقَهُ ؟ وعن جسمِهِ فيمَ أبلاهُ ؟) [ صحيح الترغيب/ موقع الدرر السنية]. من أدعية الرسول صلى الله عليه وسلم :( اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْهُدى ، وَالسَّدَادَ ) [ رواهُ مسلم/ موقع الإسلام]. والحمد لله رب العالمين وصل اللهم وسلم عل نبينا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.