نظريا تتبجح بالديمقراطية و حقوق الانسان أما على مستوى الممارسة الفعلية تعد الدولة الأخطرعلى مر التاريخ التي انتهكت وتنتهك حقوق الانسان. ذهب المفكر الأمريكي ناعوم شومسكي الى انه " من وجهة النظر القانونية أن هناك ما يكفي من الأدلة لاتهام كل الرؤساء الأمريكيين منذ نهاية الحرب العالمية بأنهم مجرمو حرب ، أو على الأقل متورطون بدرجة كبيرة في جرائم حرب " . فمنذ نهاية الحرب العالمية وإلى اليوم هناك 75حرباً وتدخلاً عسكرياً أو دعماً لانقلاب عسكري نفذتها الولاياتالمتحدةالأمريكية في مناطق شتى من العالم ، وكلها لا علاقة لها بالدفاع عن حقوق الإنسان أو إضاءة مشاعل الديمقراطية للشعوب المغلوبة ، رغم أن هذا ما تم الترويج له. أن أكثر الحرب دموية وعنفا تلك التي تشن بدعوى تمدين الشعوب ومنحها الحرية" ، تطبيقا نموذجيا في الحرب التي أطلقتها الولاياتالمتحدة بعد هجمات 11 سبتمبر تحت مسمى " الحرب على الإرهاب " ، والتي بدأت بالاحتلال أفغانستان في نوفمبر 2001 ثم احتلال العراق في ابريل 2003 . فمنذ الاحتلال الأمريكي لأفغانستان ، ما يزال 600 أسير دون اتهام أو محاكمة في قاعدة غوانتانمو البحرية الكوبية وترفض واشنطن أن "تعترف لهم بوضعية سجناء الحرب عملا بمعاهدات جنيف أو أن تقر لهم بحقوق أخرى تنص عليها المعايير الدولية الخاصة بحقوق الإنسان". وفي الولاياتالمتحدة نفسها "هناك حوالي 1200 أجنبي غالبيتهم من أصول عربية أو آسيوية جنوبية أوقفوا في سياق التحقيقات المفتوحة حول هجمات الحادي عشر من سبتمبر". ويؤكد تقرير لمنظمة "مرقب حقوق الإنسان" الأمريكية صدر في يوليو 2003 تحت عنوان "قتلكم سهل علينا" على تورط الحكومة الأمريكية أو تآمرها في جميع التجاوزات الحاصلة عمليا في جميع أقاليم جنوبأفغانستان . فالخروقات الواسعة لحقوق الإنسان وحال الانفلات الأمني "هي في جزء كبير منها نتيجة قرارات وممارسات واغفالات مسئولة عنها الحكومة الاميركية وسائر حكومات قوات الاحتلال وبعض عناصر الحكومة الأفغانية الانتقالية. و ينتقد التقرير تعاون قوات الاحتلال الأمريكي مع أمراء الحرب المتهمين بأسوأ الانتهاكات. وخصصت الولاياتالمتحدة في موازنة عام 2003 ما يقارب العشرة مليارات دولار لجنودها في أفغانستان البالغ عددهم 9 آلاف ، فيما كرست 600 مليون دولار فقط للمساعدة الاقتصادية. أما فيما يتعلق بالعراق ، فقد اتهم تقرير لمنظمة العفو الدولية في يوليو الماضي قوات الاحتلال الأمريكية بارتكاب انتهاكات "شديدة جدا" لحقوق الإنسان في العراق وشكت من منعها من الاتصال بآلاف السجناء العراقيين المحتجزين في ظروف "سيئة" دون توجيه اتهام. وقالت جوديت اريناس ليشيا المتحدثة باسم المنظمة " "أصبنا بخيبة أمل لأن حقوق الإنسان استخدمت كمبرر لشن حرب في العراق والآن يتعرض العراقيون لانتهاكات لحقوق الإنسان" منددة بالأوضاع في مراكز اعتقال من بينها سجن أبو غريب سئ السمعة في عهد صدام حسين " . وحذرت منظمة العفو الدولية من أن "الظروف التي يحتجز فيها الأسرى العراقيون يمكن وصفها بأنها قاسية ولا إنسانية ومهينة، على نحو تحظره القوانين الدولية". وقالت المنظمة إن المئات من الأسرى معتقلون في معسكرات أقيمت في العراء ولا يوجد بها خطوط مياه عذبة أو صرف صحي، ومحرومون من حق الاستعانة بمحامين للدفاع عنهم. وقالت المنظمة إن أيدي الأسرى كبلت بقيود ضيقة للغاية مصنوعة من البلاستيك، أحدثت جروحاً لم تختف آثارها بعد مرور شهر على أسرهم. واعتبرت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقرير صدر في 12 ديسمبر الماضي أن المئات من الوفيات التي وقعت في صفوف المدنيين في إطار الغزو العسكري للعراق الذي تم بقيادة الولاياتالمتحدة كان بالإمكان تجنبها بالتخلي عن أسلوبين تكتيكيين غير صائبين. وأشارت الى أن استخدام الذخائر العنقودية في مناطق آهلة بالسكان كان هو أكبر العوامل التي أسفرت عن وقوع خسائر بشرية في صفوف المدنيين أثناء قيام قوات الاحتلال بالعمليات الحربية الرئيسية في شهري مارس وأبريل؛ فقد استخدمت القوات الأمريكية والبريطانية نحو 13000 من القنابل والقذائف العنقودية التي تحتوي على قرابة المليونين من القنيبلات، مما أسفر عن سقوط أكثر من 1000 مدني بين قتيل وجريح.