لطيفة العروسني/ الشرق الاوسط قررت الحكومة المغربية تعديل القانون المتعلق بتجريم تمويل الإرهاب تفاديا لتصنيف المغرب ضمن اللائحة السوداء من قبل مجموعة العمل المالي خلال اجتماع لها من المقرر أن يعقد في يونيو (حزيران) المقبل. وكانت مجموعة العمل المالي قد صنفت المغرب في اجتماعها الذي عقد في 18 فبراير (شباط) الحالي، بباريس ضمن اللائحة الرمادية القاتمة؛ نظرا لعدم استجابته للتعديل المطلوب والمتعلق بتجريم تمويل الإرهاب بما يتطابق مع المعايير الدولية. وتنص توصية مجموعة العمل المالي على تجريم تمويل الشخص الإرهابي والمنظمة الإرهابية دون ربط ذلك بأي فعل إرهابي. وفي هذا السياق، أوضح محند العنصر، وزير الداخلية المغربي، أن الهدف المتوخى من مشروع هذا القانون، بالإضافة إلى معالجة أوجه قصور التشريع المغربي في مجال تجريم تمويل الإرهاب، هو تفادي الانعكاسات الوخيمة التي قد تترتب على تصنيف المغرب ضمن لوائح أكثر سلبية في حالة عدم اعتماد التعديل المطلوب، لا سيما بالنسبة للاقتصاد والقطاع المالي.. الأمر الذي قد تكون له عواقب غير مقبولة على صعيد المعاملات المالية الخارجية في وقت تزداد فيه الحاجة إلى تحسين مناخ الأعمال وتقوية قدرته التنافسية. وسرد العنصر، الذي كان يتحدث أول من أمس (الثلاثاء) أمام لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان)، السياق الذي جاء فيه هذا التعديل، وقال إنه من الانطلاق من نتائج تقييم التشريعات المغربية لمكافحة غسل الأموال من طرف مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عام 2007، تم اعتماد القانون المغير، والمتمم لقانون مكافحة غسل الأموال لملاءمته مع توصيات المجموعة المذكورة، بيد أنه بعد الزيارة التي قام بها للمغرب خبراء من مجموعة «اغمونت» التي تعتبر إطارا للتعاون الدولي بين وحدات معالجة المعلومات المالية التي تستجيب للمعايير الدولية، اتخذت مجموعة العمل المالي في اجتماعها المنعقد في فبراير من العام الماضي، قرارا يقضي بالشروع في إخراج المغرب من لائحتها السلبية بعد أن تأكد المقيمون من معالجة المغرب لأوجه القصور التي تعتري منظومته لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، إلا أن البدء في إجراء إخراج المغرب من اللوائح السلبية تم تأجيله، يضيف العنصر، بسبب موقف المقيمين الدوليين القاضي بعدم مطابقة تجريم تمويل الإرهاب في التشريع المغربي للتوصية الخاصة الثانية لمجموعة العمل المالي، التي تقضي بتجريم تمويل الشخص الإرهابي والمنظمة الإرهابية بغض النظر عن ارتكاب الفعل الإرهابي، مشيرا إلى أن هذا القرار جاء بعد أن اعتبر فريق التعاون الدولي التابع لمجموعة العمل المالي أن التعريف المغربي لتمويل الإرهاب لا يتلاءم تشريعا وممارسة مع متطلبات المجموعة. وأوضح العنصر أن مجموعة العمل المالي في اجتماع لها عقد في يونيو عام 2011، كادت أن تقرر إدراج المغرب ضمن اللائحة الأكثر سلبية لعدم معالجة القصور الذي ما زال قائما على مستوى تجريم تمويل الإرهاب، إلا أنه تم تعليق هذا القرار بفضل تعهد المغرب من خلال رسالة صادرة عن وزير المالية يلتزم بموجبها بإدخال التعديل المتبقي على القانون الجنائي في أقرب وقت ممكن، بما يستجيب لهذه التوصية. وأشار العنصر إلى أن «خروج المغرب من اللوائح السلبية لمجموعة العمل المالي يبقى رهينا بمعالجة نقطة وحيدة ترتبط بتوصية يعتبرها المقيمون الدوليون استراتيجية وتتعلق بتجريم تمويل الإرهاب بما يتطابق مع المعايير الدولية من خلال تجريم تمويل الشخص الإرهابي والمنظمة الإرهابية دون ربط ذلك بأي فعل إرهابي محدد وفقا لما تنص علية توصيات مجموعة العمل المالي». واستعرض وزير الداخلية المغربي التعديلات التي جاء بها مشروع القانون وتتلخص في إعادة صياغة الفصل 4-218 من مجموعة القانون الجنائي بما «يجعل جريمة تمويل الإرهاب فعلا إرهابيا، ولو ارتكبت خارج المغرب، وسواء وقع الفعل الإرهابي أم لم يقع، وبصرف النظر عما إذا كانت الأموال قد استعملت فعلا لارتكاب هذه الأفعال أم لم تستعمل». وبموجب هذا التعريف فإن مشروع القانون يعتبر تمويلا للإرهاب الأفعال التالية: «القيام عمدا، وبأي وسيلة كانت مباشرة أو غير مباشرة، بتوفير أموال أو تقديم أو جمع أو تدبير أموال أو ممتلكات، ولو كانت مشروعة، بنية استخدامها أو مع العلم بأنها ستستخدم كليا أو جزئيا لارتكاب فعل أو أفعال إرهابية، أو جريمة إرهابية، أنها ستستعمل بواسطة شخص إرهابي أو بواسطة جماعة أو عصابة أو منظمة إرهابية. تقديم مساعدة أو مشورة لهذا الغرض. محاولة ارتكاب الأفعال المذكورة. وتوسيع مفهوم الممتلكات، وذلك بجعلها أي نوع من الأموال والأملاك المادية أو غير المادية، المنقولة أو العقارية، أيا كانت دعامتها، بما فيها الإلكترونية أو الرقمية».وأكد العنصر أنه خلال الاجتماع الأخير لمجموعة العمل المالي، الذي عقد بباريس في 18 فبراير الحالي تم تصنيف المغرب ضمن اللائحة الرمادية القاتمة، وذلك نظرا لعدم اعتماده للتعديل المطلوب والمتعلق بتجريم تمويل الإرهاب، مما يعني أن المجموعة قررت مبدئيا تصنيف المغرب بصفة تلقائية في اللوائح السوداء خلال اجتماعها المقبل المزمع عقده في يونيو المقبل في حالة عدم المصادقة على مشروع القانون ونشره بالجريدة الرسمية.