قال عمر - رضي الله عنه -: ثلاث يهدمن الدين: زلة عالم، وجدال منافق بالقرآن، وأئمة مضلون. فمن غرائب بعض فقهائنا، أو متفقهينا الأجلاء، إصدارهم لبعض غرائب الفتاوى و شواذ الأقوال في الصحف والمواقع الإلكترونية. وعلى مثل هذا بكى ربيعة بن أبي عبد الرحمن شيخ الإمام مالك، رحمه الله، فقال له رجل: ما يبكيك؟ فقال: (استُفتي مَن لا علم له، وظهر في الإسلام أمر عظيم. قال: ولَبعضُ مَن يفتي ها هنا أحق بالسجن من السرَّاق) . ونعتقد أن لشروط الإفتاء أهمية كبرى في ديننا الحنيف، حيث تنص على شهادة أهل العلم للمفتي؛ وفي هذا يقول مالك رحمه الله: «ما أفتيت حتى شهد لي سبعون أني أهل لذلك». وقال: «لا ينبغي للرجل أن يرى نفسه أهلاً لشيء حتى يسأل من هو أعلم منه. فتوي غريبة كان قد أطلقها الشيخ سعيد عبد العظيم أحد أكبر مؤسسي السلفية في مصر حول توريث الحكم في مصر أثارت جدلا عنيفا وردود أفعال متباينة، بقوله: لا يجوز لأحد أن يرشح نفسه أمام الرئيس أو ابنه..ومن يرشح نفسه يضرب عنقه بنص حديث النبي (صلي الله عليه وسلم) «من بايع إماماً فأعطاه صفقة بيد فليطعمه إن استطاع فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنقه. هذا هو قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَشَدُّ مَا أَتَخَوَّف عَلى أُمَّتي ثَلاثٌ: زَلَّةُ عَالِمٍ، وَجِدَالُ مُنَافِقٍ بِالْقُرْآنِ، وَدُنْيَا تَقْطَعُ أَعْنَاقَكُمْ». نعتقد أن بداية الجدل حول هذا النوع من الفتاوى بدأت في ماي 2007 ،عندما أصدر الدكتور عزت عطية، رئيس «قسم الحديث» في «كلية أصول الدين، جامعة الأزهر» فتوى أباح فيها «رضاعة المرأة العاملة لزميلها في العمل»، فقرر المجلس الأعلى للجامعة، وقف صاحب هذه «الفتوى» عن العمل، وإحالته الى التحقيق. وهذا هو الصواب، هو وقف كل من زاغ في الدين وفصله عن منصبه،وعدم تفشي الشذوذ العلمي الذي، في رأيي، يؤسس للمحظورات في الدين؛ يقول جل شأنه: قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ [الأعراف: 33]، ويقول جل شأنه: وَلاَ تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ [النمل: 116. تأديب المرأة بالضرب فتوى الشيخ الداعية السعودي سعد عرفات، حيث قال : « إن الله كرم المرأة بهذه العقوبة، عقوبة الضرب. كيف؟ قال نبينا (ص) : ولا تضرب الوجه ولا تقبح. وفي شرحه لهذا الحديث قال سعد عرفات «بمعنى إن ضربها زوجها لا يضربها على وجهها. حتى وهو يضربها لا يسبها ولا يشتمها. إذن هو يضرب للتأديب». والداعية كأنه يضع فصلا في قانون خاص بالعقوبات المرتبطة بالمرأة المتزوجة، يقنن ألا يزيد عدد الضربات عن عشر(10 ضربات). وإذا ضربها لا يكسر عظما، ولا يقطع لحما، ولا يكسر سنا، ولا يفقأ عينا. حنانيك، فبعض الشر أهون من بعض.. ما هي حيثيات المفتي المغربي في كل هذا، ماهي إيديولوجياته؟ ما معنى أن يبيح فقيه مغربي جواز شرب المرأة الحامل للخمر في فترة الوحم، وجواز... وجواز.. سليل بيت الدين، متخصص في فقه النوازل، اختلط عليه الحرام بالحلال، فشطط حتى بلغ الخرف.. البعض متخصص في فقه " الفواحش" بالمغرب، هكذا أسميه، لأن الإسلام بعيد عن هذه الفتاوى الغريبة المشينة لأخلاقيات المسلم ... ولو كانت هذه الفتاوى في عهد عمر الفاروق لجَمَع لها أهلَ بدر.. قال أبو هريرة - رضي الله عنه : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ سَنَوَاتٌ خَدَّاعَاتُ، يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ، وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ، وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ، وَيُخَوَّنُ فِيهَا الْأَمِينُ، وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ. قِيلَ: وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ؟ قَالَ: الرَّجُلُ التَّافِهُ يَتكلم فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ. هناك من يعتقد أن حاجة المجتمع ماسة إلى فتوى تواكب العصر وتوافق المكتسب الديني بتوافق مع السياسي والاجتماعي والاقتصادي في هذا البلد.. لكن غرابة الفتوى وإثارتها لقضايا تربك القناعات المسلمة يجعلها شائكة ومثيرة للجدل لخروجها عن منطق الإجماع وتلمسها ل "المحظور المباح" في رأي البعض.. والخطير في الأمر أن هذه الاجتهادات البشرية التي يسعى أصحابها إلى ربط الواقع الاجتماعي بالدين يتخذها البعض مطية لإباحة غرائزهم بدعوى ما نزل من فتاوى.. وكأن ما نزل هو أمر مقدس.. فأين مجالسنا العلمية في هذا البلد ؟ أين وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية؟ وهل كل من أراد أن يفتي فليفعل لاحرج عليه؟. نسأل الله أن لا يجعلنا جُسُورًا يعبر عليها إلى جهنم، فقد أخبر النبي الأمين أن من علامات يوم القيامة أن يوسد الأمر إلى غير أهله، وأن تنطق الرويبضة، وأن يلتمس العلم عند الأصاغر.. جوهرة أشيبان