جلت بفكري في زمننا هذا و في طريقة عيشنا فكانت هذه انطباعاتي: أصبحت كل أيامنا كرنفالات، فإذا خرجت إلى الشارع تعبت عيناك من كثرة الألوان و الأشكال و الأصباغ. أضحى الكل يتلألأ حتى لم تعد تميز ين المدعوة لعرس و الذاهبة لسوق السمك، و لم تعد تفرق بين القفطان ولباس النوم. ضاع مفهوم السن و وقار الشيب وسط زحمة الموضات و الصرعات، حتى صرت ترى عجوز الستين بالجينز و طفلة العاشرة بالكعب العالي. أما ظاهرة التجاعيد فهي في طور الانقراض بفعل حقن البوتكس و السيليكون الذي أصبحت بفضله نساؤنا و فتياتنا في مأمن من الغرق. صعبت التفرقة بين الولد و البنت، فهذا ولد يلبس الوردي و الضيق و الفضي و الذهبي، وتلك بنت لا يفارق الحذاء الرياضي رجليها. لم تعد موائدنا تعرف معنى اللمة، و لم يعد حوض الغسيل يلو من الأواني في زمن أصبح فيه كل فرد من الأسرة يأكل بمفرده لأن التزاماته لا تسمح له بالتواجد في البيت في نفس الوقت مع الآخرين. أعيادنا فقدت بهجتها و سحرها، و ذابت في روتين سائر أيام السنة، فلم يعد يميزها عنها سوى أنها أيام عطلة، هذا إذا لم نضطر للعمل خلالها. كثر عدد الأصدقاء في زمن غابت فيه الصداقة الحقة في غمار اللقاءات الفايسبوكية ، و العالم الافتراضي للشبكة العنكبوتية. يبدو أن رياح التقدم حملت إلينا فيروسا يفتك بملكة الذوق و حس النظام. أين أنت أيها الزمن الجميل الذي تحكي لنا عنه أمهاتنا، و الذي شهدنا منه أياما و نحن أطفال، مازلنا نحتفظ بحلاوتها تحت لساننا، كتلك الحلوى التي من كثرة لذتها نؤخرما أمكن بلعها. فهل العيب فينا أم في زمننا؟ بقلم: إيمان الدردابي