افتتاح اللقاء الوطني الاول حول افاق مهنة التوثيق بمراكش بحضور الرميد والضحاك
تلكسبريس- و.م.ع
انخرط المغرب خلال العشر سنوات الأخيرة في مسار تشجيع الاستثمارات وتحسين مناخ الأعمال من خلال وضع ترسانة من الاجراءات والقوانين التي تساهم في ضمان استقرار المعاملات، وخلق جو من الثقة لدى المستثمرين والمنعشين العقاريين٬ فضلا عن النهوض ببعض المهن القضائية التي تضطلع بمهمة إبرام التصرفات القانونية وعلى رأسها مهنة التوثيق بشقيها العدلي والعصري .
وتعتبر مهنة التوثيق بشقيها العدلي والعصري إحدى الدعامات الأساسية لضمان استقرار مختلف المعاملات وتشجيع وجلب الاستثمارات والمساهمة في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية٬ ومساعدة القضاء على فض النزاعات والخلافات من خلال تمكينه من وسائل الإثبات.
وبالرغم من الأهمية التي تكتسيها مهنة التوثيق فإن هناك اختلافا بين مكونيها الرئيسيين٬ العدول والموثقون العصريون٬ ذلك أن الطرفين ليسا على نفس الدرجة من ناحية إبرام العقود بحيث أن العدول٬ وعلى خلاف الموثقين٬ غير مخول لهم توثيق بعض المعاملات لاعتبارات يرون أنها غير مبنية على أساس.
واعتبر رئيس المجلس الجهوي لعدول دائرة محكمة الاستئناف بمراكش٬ بوبكر شائق٬ في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء٬ أن مهنة التوثيق العدلي متجذرة في التاريخ والفكر المغربي وتتوخى توثيق المعاملات والحفاظ على الأنساب وتسهيل مأمورية القضاء والمتعاملين٬ وقد عرفت منذ تخرج الفوج الأول من حملة الشواهد ابتداء من سنة 1987 دينامية جديدة تعززت بصدور القانون المنظم للمهنة سنة 2006، مما جعلها تتبوأ المكانة اللائقة بها داخل المجتمع المغربي.
وأضاف أن نظرة العدول أنفسهم للمهنة وحتى المواطنين تجاه العدول تغيرت٬ بفضل تأهيل العدول عبر إيجاد مكاتب في المستوى اللائق لاستقبال الزبناء وخضوعهم للتكوين وإطلاعهم على مجموعة القوانين التي عرفتها المملكة خلال السنوات العشر الأخيرة.
وأكد أن مهنة العدول تساهم بشكل كبير في جلب الاستثمارات وضمان استقرار المعاملات من خلال اضطلاعها بإبرام كافة العقود باستثناء تلك المرتبطة بالسكن الاجتماعي التي لا يخول لها القانون المنظم للمهنة ولا المادة 9 من قانون المالية لسنة 2010 توثيقها ب"دعوى عدم توفرهم على صندوق الودائع".
وبعد أن أبرز أن الوثيقة العدلية ساهمت بشكل كبير عبر التاريخ في التنمية الاقتصادية والاجتماعية بحيث أنها تعطي نبذة تاريخية عن تطور المجتمع وأنسابه والمعاملات العقارية وقيمة العقار في ذلك الوقت٬ أشار السيد شائق٬ في هذا السياق٬ إلى أن عددا مهما من التصرفات القانونية التي أبرمت مؤخرا وساهمت في جلب الاستثمارات حررت من طرف العدول٬ وفق إحصائيات لوزارة الاقتصاد والمالية.
وكشف٬ من جانب آخر٬ أن هناك لجنة منبثقة عن المكتب التنفيذي للهيئة الوطنية للعدول منكبة على تعديل القانون المنظم للمهنة بما يتلاءم مع حاجيات العدول ويساهم في تخليق المهنة وتأهيلها مع مراعاة نوع من التوازن في ما يخص اندماج العدول في محيطهم الاجتماعي والاقتصادي وكذا على مستوى تنظيم المهنة من الناحية الهيكلية٬ مشيرا إلى أنه سيتم تقديم هذا المشروع إلى الوزارة الوصية خلال الأسابيع المقبلة.
وأضاف أن اللجنة حرصت في تعديلها لهذا القانون على استحضار كافة متطلبات العدول وإيلاء أهمية كبيرة لمسألة التكوين من خلال التنصيص على إحداث معهد خاص للتوثيق العدلي سعيا منها إلى أن يكون أكثر طموحا ومهنية٬ مؤكدا على ضرورة منح صلاحية التأديب والمتابعة الى المجالس الجهوية على غرار هيئة المحامين.
وبخصوص الجانب المطلبي لهذه الفئة٬ أبرز رئيس المجلس الجهوي لعدول دائرة محكمة الاستئناف بمراكش٬ أن مطالب هذه الشريحة من المجتمع تكتسي صبغة تشريعية تتمثل بالخصوص في الاستقلال التام عن مؤسسة الناسخ وقاضي التوثيق٬ وإلغاء مذكرة الحفظ التي تشكل عائقا أمام تحقيق مبدأ السرعة في انجاز التصرفات القانونية وهو ما يدفع عددا من المستثمرين والمنعشين العقاريين إلى عدم التعامل مع العدول.
وسبق لرئيس الغرفة الوطنية للتوثيق العصري بالمغرب٬ أحمد أمين التهامي الوزاني٬ أن أكد خلال اللقاء الوطني الأول بين محكمة النقض والغرفة الذي نظم مؤخرا بمراكش حول موضوع "آفاق مهنة التوثيق على ضوء قانون 09- 32 والعمل القضائي"٬ أن مهنة التوثيق العصري تتبوأ مكانة متميزة ضمن المهن القانونية من خلال مركزها المحوري في توفير الأمن التعاقدي وحماية المراكز القانونية واستقرار المعاملات وتحقيق السلم الاجتماعي والتنمية الاقتصادية.
وأوضح أن اعتماد القانون الجديد المنظم للمهنة 09-32 يأتي بعدما ظلت مهنة التوثيق خاضعة في تنظيمها وتأطيرها القانوني خلال أزيد من ثمانية عقود لظهير 1925 الذي أصبح متجاوزا وغير قادر على استيعاب مستلزمات مختلف أوجه التطور الذي يعرفه المجتمع المغربي على المستويات القانونية والاقتصادية والاجتماعية.
وأبرز أن القانون الجديد٬ الذي استهدف المشرع من خلاله تنظيم المهنة وتخليقها وتأهيلها وتحصينها لمواكبة الدينامية التي يعرفها المجتمع المغربي على المستويات الاقتصادية والاجتماعية٬ سيعزز هذه المكانة وسيحقق نقلة نوعية في مسار المهنة.
وشدد التهامي الوزاني على ضرورة انخراط كل مكونات أسرة التوثيق والتفاعل الايجابي للسلطتين العمومية والقضائية من أجل تحقيق فلسفلة وغاية هذا القانون.
يشار إلى أن من بين التوصيات التي توجت أشغال هذا اللقاء التأكيد على أهمية التكوين من خلال الدعوة إلى التعجيل بإحداث معهد للتكوين المهني للتوثيق يؤمن تكوينا مستمرا للموثقين والمتمرنين وفق الضوابط العلمية والأخلاقية وأعراف وتقاليد المهنة.