توقع رئيس الحكومة الجزائري الأسبق أحمد بن بيتور، فشل نتائج ندوة الإجماع الوطني التي تُحاول السلطة الترويج لها كبديل للإنتخابات الرئاسية المقرّرة شهر أبريل 2019، ويعتقد بن بيتور أن النظام يسعى إلى كسب المزيد من الوقت بعدما وقع في مأزق بسبب تدهور الحالة الصحية للرئيس بوتفليقة التي تحول دون ترشحه لعهدة خامسة. وفي حوار مع TSA "عربي"، قال بنبيتور ردّا على سؤال حول قراءته للوضع الحالي الذي تمر به الجزائر مع إقتراب موعد رئاسيات 2019 ، إن تحليل الوضع العام في البلاد يتطلب الأخذ بعين الإعتبار ثلاث أشياء وهي حالة المجتمع، نظام الحكم والإقتصاد. وأضاف بنبيتور أن المجتمع الجزائري يُعاني اليوم من خمسة أمراض تتمثل أساسًا في غياب الأخلاق الجماعية، العنف الذي أصبح الوسيلة المفضلة في حل النزاعات بين الأشخاص، بالإضافة إلى الفساد المعمم واللامبالاة أو كما نقول بالعامية” تخطي راسي”، أما المرض الخامس فهو “القدرية” أو الحتمية. لما نكون في مجتمع يُعاني من هذه الأمراض كلها، علينا أن نفكر أولًا في إعادة بناء المواطنة حتى نحس أننا نعيش في بلد واحد، يقول بن بيتور. أما عن نظام الحكم، يقول المتحدث، فإن السلطة الجزائرية تتميز بثلاث عوامل أولها التسلط، بمعني إذا أيدتني فأنت معي وإذا لم تفعل ذلك فأنت ضدي وأُجَندُ كل الإمكانيات والوسائل لاسكاتك، وهو الأمر الذي يجعل السلطة العليا لا تحوز على معلومات دقيقة عن حال البلد لأنها تسمع للأصوات المؤيدة لها فقط. أما الخصوصية الثانية، يستطرد بن بيتور، هي الإرث، ما يعني أن النظام السياسي يتكون من مجموعات تتنافس فيما بينها لإرضاء القائد للاستفادة من إمتيازاته. هذه المجموعات تعتبر المجتمع متخلف وغير مؤهل للعمل السياسي ما يخلق فجوة بين الحاكم والمحكوم. أما الخصوصية الثالثة فهي الأبوية، أي أن القائد يرى نفسه وصيًا ولا يرغب في وسيط بينه وبين الشعب وهو ما يجعل المؤسسات فاشلة ولا تؤدي دورها. وإذا أضفنا الريع والنهب فتلك هي الدولة المميعة التي تتميز ب 5 مؤشرات وهي تأسيس الجهل والركود، عبادة الأشخاص، التأسيس للفساد، حصر مصدر القرار بين أيدي مجموعة محدودة من الأشخاص، وأخيرًا تفكيك الأقطاب في هرم السلطة. المؤشرات الخمسة متوفرة وهنا نحن أمام دولة مميعة. ولا يمكنُنا المضي قدمًا عن طريق الإكتفاء بتغيير الأشخاص فقط وإنما بتغيير المؤسسات ونظام الحكم بكاملة. وبخصوص الوضع الإقتصادي، يقول بن بيتور، فهو مبني على الريع والنهب. لكن مداخيل تصدير المحروقات إنخفضت من 63 مليار دولار عام 2013 إلى27 مليار دولار في 2016 . ولن تقفز فوق ال 30 مليار على المدى المتوسط والبعيد كمدخول سنوي. بينما فاتورة الاستيراد كانت عند مستويات 12 مليار في 2001 وإرتفعت إلى 68 مليار دولار في 2014، إضافة إلى 8 مليار دولار أرباح المؤسسات الأجنبية العاملة في الجزائر لتصل النفقات الخارجية 76 مليار دولار. ولعل أهم مشكل يُواجه الجزائر اليوم عجز الميزان التجاري، الذي تحاول الحكومة تغطيته عن طريق اللجوء إلى مخزون العملة الصعبة، وهو ما تشير إليه الأرقام، ففي عام 2015 تم إقتطاع 34 مليار دولار لتغطية عجز الخزينة العمومية، وفي عام 2020 سنصل إلى درجة نفاذ إحتياطي الصرف بالكامل وهنا ستواجه البلاد أزمة حقيقة، يختم الرئيس الاسبق للحكومة في الجزائر..