تحت عنوان :" في عام 1980 كان المغرب أغنى من الصين خمس مرات"، نشرت مجلة لكسبريس L'Express الفرنسية مقالا للوران ألكسندر، طبيب جراح وخبير في الاقتصاد ورجل أعمال مشهور، يعقد فيه مقارنة بين المغرب والصينوكوريا الجنوبية وكيف استطاعت هاتان الدولتان تجاوز المغرب في مجال التنمية. وقال لوران ألكسندر، وهو خريج المدرسة الوطنية للإدارة بفرنسا وصاحب شركات ومستثمر في المجال التكنولوجي، (قدّم) إن العولمةُ غيّرت العالمَ رأسا على عقب، مضيفا أن "هناك ملياران من البشر انتشلتهم العولمة من حالة الفقر المدقع و معدل طول العمر تضاعف في البلدان الصاعدة كما أن ظروف المعيشة عرفت على العموم تحسنا غير مسبوق في التاريخ البشري"، ولكن، يقول لوران الكسندر، هذا التقدم "يختلف كثيرا من بلد لآخر : فالبلدان والمناطق التي تعيش على الرأسمال المعرفي تعرف نموا ملحوظا وهو ما غيّر بشكل بارز ترتيب الأمم على سُلّم التقدم". ففي عام 1960، يكتب لوران الكسندر، كانت كوريا الجنوبية "تتوفر على نفس الثروة الفردية التي تتميز بها بلدان إفريقيا السوداء الفقيرة جدا ولم تتجاوز المغرب إلا في سنة 1970 ، أما اليوم فإن كوريا الجنوبية أصبحت عملاقا تكنولوجيا يُحسب له ألف حساب في مجالات الشرائح الإلكترونية وشاشات الحواسيب والبرامج المعلوماتية والهواتف النقالة الذكية وحتى التقنيات النووية." ويضيف الكسندر لوران انه "في عام 1980 كان المغرب أغنى من الصين خمس مرات لأن الدخل الفردي السنوي كان يبلغ فيه 1075 دولارا مقابل 195 دولار فقط في الصين....". لقد أصبحت الصين اليوم، يقول لوران الكسندر، قوة علمية بينما المغرب لا يزال قابعا في لائحة الدول الفقيرة ولا تزال نسبة الأمية فيه تبلغ 40 في المائة لدى النساء." وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن "ملك المغرب رجل متنور وتحيط به نخبة تقنوقراطية مثقفة جدا ولكن ذلك لا يكفي من أجل اللحاق بكوكبة البلدان الأسيوية التي تستثمر في البحث والإبداع والتعليم وتطوير الذكاء الاصطناعي." لهذا ف"المغرب، مثله مثل جميع البلدان الأفريقية الأخرى، لا يزال يقاوم ويكافح لمواكبة وتيرة آسيا السريعة"، يقول لوران مشيرا إلى أنه لا يوجد في مجموع بلدان شمال إفريقيا "ولو مركز واحد للأبحاث العلمية يستحق هذا الوصف لأن العلماء الحقيقيين في تلك البلدان لا يحظون بالتقدير الذي يحظى به الفقهاء في المجال الديني." أوضح لوران الكسندر أن فنزويلا كانت أغنى من سنغفورة في عام 1970 وتحولت اليوم إلى بلاد بئيسة تهجرها النخبة المثقفة والطبقة الوسطى، وكانت فرنسا أغنى من سنغفورة ثلاث مرات في سنة 1970. وفي نقده للطبقة السياسية الفرنسة، أكد الخبير لوران الكسندر أن الفرنسيين عندما سيدركون أن "سكان سنغفورة يتوفرون اليوم على مستوىً للمعيشة يضاعف المستوى الفرنسي سيحاسبون النخبة السياسية الفرنسبة التي حكمت البلاد منذ أكثر من أربعين سنة". واعتبر لوران الكسندر أن "هذه التحولات الجيوسياسية ليست وليدة الصدفة بل هي نتيجة الاستثمار الضخم في المجال العلمي والتكنولوجي الذي عرفته بلدان شرق أسيا ( الصين وسنغفورة وتايوان وهونغ كونغ وكوريا الجنوبية)، لقد انتقل نصيب الصين من النفقات البحثية العالمية من 2 في المائة عام 1995 إلى 23 في المائة في الوقت الحالي فتجاوزت أوروبا بأكملها واقتربت من حجم نفقات الولاياتالمتحدةالأمريكية." لقد أصبحت لبلدان شرق آسيا، يقول الخبير الفرنسي، "نمورا علمية بينما لا تكاد تتجاوز نفقات بلدان جنوب أوروبا على البحث العلمي نسبة 1 في المائة من الناتج الداخلي الخام، تبلغ هذه النسبة 2,2 في المائة في فرنسا بينما تبلغ 5 في المائة في كوريا الجنوبية." وأردف الخبير منتقدا الطبقة السياسية الفرنسية، بالقول إن هذه الأخيرة "تعتبر أن صعود ترتيب بلدان آسيا في تصنيف "بيزا Pisa" وهو البرنامج الدولي لتتبع التحصيل العلمي للتلاميذ، موضوعا من الطابوهات التي لا ينبغي الحديث عنها. ففي ميدان العلوم تحتل سنغفورة المرتبة العالمية الأولى و يتفوق الأطفال الصغار من طايوان والفيتنام وكوريا الجنوبيةوالصين على أقرانهم الفرنسيين الصغار، كما أن هذه البلدان الأسيوية تسهر على تكوين ملايين المهندسين والباحثين ذوي المستوى الرفيع حتى أصبحت هذه البلدان هي الرائدة العالمية في مجال الرأسمال المعرفي، ورغم ذلك فإن الزعماء السياسيين في أوروبا يندهشون لكون منتوجات بلدانهم أصبحت ذات جودة هزيلة كما هي هزيلة أجور العمال في أوروبا. لقد أصبحت آسيا تنتج شرائح الحاسوب بينما أوروبا تكتفي بالمنتوجات السخيفة وبلدان آسيا تهيئ أبناءها ليصبحوا في المستقبل القريب يعيشون ويشتغلون في انسجام مع تقنيات الذكاء الاصطناعي ." وختم لوران الكسندر مقاله بالقول "إن بلدان شرق آسيا لا تخاف من المستقبل: إن 90 في المائة من الصينيين ( مقابل 30 في المائة من الفرنسيين) مقتنعون أن الذكاء الاصطناعي مفيد للمجتمع. فإذا أردنا أن لا نصبح نحن الخاسرين في ميدان الرأسمال المعرفي علينا أن نقدّر الباحثين والمهندسين وأساتذة العلوم حق التقدير وهاهي بلدان آسيا تنير لنا السبيل في هذا المجال".