لقد تم ضبط سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة وأفضل رجل في حزب العدالة والتنمية وفق الاختيار الانتخابي، في حالة تلبس خطيرة وهو يمارس القتل على شكسبير، ويقوم بتقطيع جثته أطرافاً. العثماني، رئيس الحكومة وكبير قادة المصباح والطبيب النفساني والفقيه، لا يستطيع تركيب جملة كاملة باللغة الانجليزية، التي لم يكن مضطرا للحديث بها، وكان يكفيه الحديث بلغة بلاده، وفق الأعراف الجارية والبروتوكولات السارية، مع الاستعانة بمترجم محترف يتولى نقل كلامه إلى الآخرين ونقل كلام الآخرين إليه. ما قام به العثماني يسمى عندما المغاربة "قفزة بلا سروال". فالرجل ليس ملزما بالحديث بلغة لا يعرفها، وكان مفروضا أن يتحدث اللغة التي يعرف. أما إذا ما تجاسر على الحديث بالفرنسية، أو الانجليزية، أو أي لغة أجنبية، فعليه إتقانها، أو تركُها بسلام. يذكرنا هذا الفعل بما أقدم عليه مصطفى الخلفي، يوم كان وزيراً للاتصال، حين اكتفى في حواره مع إحدى القنوات الفرنسية بترديد عبارة واحدة استحق عليها لقب "سي كلير". لقد قال الملك الراحل الحسن الثاني، قدس الله سره، "من يعرف لغة واحدة ينظر للعالم بعين واحدة، ومن يتقن لغتين ينظر للعام بعينين وهكذا دواليك". وإذا طبقنا هذا المنهج على العثماني، فإن رئيس حكومتنا يعتبر أعور. أما بالنظر إلى لغته العربية السلفية فهو أعمى، يقود الحكومة ويخطط لشعب بأكمله، وهو لا يعرف ما يجري حوله لأنه يكتفي بما تتم ترجمته. للأسف الشديد فإن العثماني هو نموذج ما أخرجته السياسة في المغرب حينما أضحت ملاذا يفر إليه الفاشلون في حياتهم العملية. فهو طبيب نفساني فاشل لجأ إلى السياسة ليغطي على عجزه في مجال الحياة العامة. وإذا كان كبير القوم الذي يقودهم يتكلم الانجليزية بهذه الطريقة فإن الباقي مثل الكرموس في شريط واحد. كما أن العثماني هو اليوم نموذج لما أنتجته المدرسة التي ينبغي إعادة النظر فيها. فحالة رئيس الحكومة تؤكد أنه ينبغي إعادة النظر في مناهج التعليم، والانفتاح على لغات العالم، حتى نتمكن من بناء جيل قادر على التواصل مع سكان المعمور وقادر على استيعاب المعارف التي يتم إنتاجها يوميا في مختلف بقاع الدنيا. غير أن ما وقع لا يسائل فقط المدرسة العمومية. بل هو يسائل الأحزاب السياسية، التي لم تعد فضاءات للتكوين، ويسائل الناخب المغربي، الذي يمنح صوته للأميين في السياسة وفي كل شيء، ولا يعرف أنه بذلك يذبح نفسه لأن مثل هؤلاء القادة ليس بإمكانهم التجاوب مع الاختيارات السياسية الدولية التي نحن محكومون بسياقاتها إكراها. وليس العثماني وحده من قادة الحزب من يتحدث إنجليزية "تحضيري ناقص ثلاثة"، بل هي نفسها التي تكلم بها عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة المعزول والأمين العام السابق للمصباح، حين لقائه السفير الأميريكي وزوجته، حيث ظل يردد عبارة واحدة طوال الوقت وقيل إنه تسجل في دورة تكوينية مكثفة لا نعرف نتيجتها حتى الآن.