يمكن اليوم الجزم بكل ثقة بأن المشهد الصحفي والإعلامي يعرف انتكاسة غير مسبوقة، من جراء التواطؤ المفضوح لقيادة النقابة الوطنية للصحافة مع بعض الجهات في الحكومة، من أجل ترويض الصحفيين والإعلاميين والمنتسبين من ذوي الضمائر الحية. أولى الخطوات الإيجابية في الماضي، تجلت في حث هؤلاء على الانخراط في إطار نقابي بغرض التنظيم والتأطير والتكوين والدفاع عن الحقوق وتسطير الأهداف وما إلى ذلك من الخير العميم والديمقراطية والتشاركية والمنفعة...وهذا ما كان فعلا خلال فترات زاهية من تاريخ النقابة الوطنية أيام كان يقودها الكبار ويسيرها الحكماء. اعتلت المنبر النقابي أسماء وازنة بصمت المشهد الصحفي والإعلامي فسجل التاريخ تلك الحقب بماء الذهب في سجلاته الخالدة. أقبل الخريف، فتلبدت الأجواء، وهبت رياح أسقطت الأوراق من الأغصان، فاعتلى المنبر من همه شق الطريق لنفسه وقضاء مصالحه والتفاوض باسم الجماعة لأجل استفادة الزمرة المقربة. تمرغت كرامة الصحافة والصحفيين في الوحل، وأصبح من هب ودب يتوفر على صك الغفران. وتم اختزال السلطة الرابعة في بطاقة بلاستيكية يقدم البعض لأجل الحصول عليها خرفان مشوية وأظرفة ممتلئة وصناديق لا يعلم محتوى قنانينها سوى مقدموها وهلم جرا. أصبح مانحو بطاقة الصحافة حكاما جدد. تواطأت بعض الأحزاب للاستفراد بالغنيمة فاهتدوا إلى التناوب وتسليم السلط السلس على رأس النقابة الوطنية كل بضع سنين. فذبحت الديمقراطية باسم الأغلبية. فكان الإستبداد سيد الموقف. بلع الصحفيون ألسنتهم مكرهين وصبروا على التسلط والحكرة والغصة في حلقهم، لأن سيف داموقليس مسلط على رقابهم. فبجرة قلم سيسجلون في اللائحة السوداء فتنتزع منهم بطائقهم، وبكبسة زر سيتبخر الدعم، وقد يجد الصحفي والإعلامي نفسه خارج الملعب. في ظرف وجيز تحولت النقابة من آلية للتأطير والتكوين وإحقاق للحقوق ودفاع عن المكتسبات وتطوير للممارسة وتنظيم للأخلاقيات وضمان للكرامة..تحولت إلى آلية من آليات التنميط والترويض وتقليم الأظافر وتسطير الحدود ووضع القوانين وتفصيل الشروط لتجفيف الأقلام في محابرها وقطع الأصوات قبل الصدح بها. هذا ضاسر قطع عليه الدعم. هذاك حاس براسو عطيه شي قرصة للوذن. هذا فايق وعايق وداير فيها بوعروف، ماتضربو ماتحاديه: الغرامة. ضربو للجيب عمرو يعاود. واللي دوى أكثر من اللازم فبرك ليه ضوسي يجيبو نعاودو ليه الترابي. داخلت عليكم بالله، آش دارت هاد النقابة الوطنية للصحافة على أرض الواقع؟ شي مفطح ومستافد من بطاقة الصحافة والقطار والتخفيض في الفنادق المصنفة والدعم والريع والسفر...وما أقلهم. والأغلبية الساحقة من الصحفيين والإعلاميين والمنتسبين لا دعم ولا بطاقة ولا سفر ولا تكوين ولا تنقل و لاهم يستفيدون. لقد حان الوقت لطرح الأسئلة الحقيقية. علاش جميع القطاعات المقصحة تحتج وتنتفض ضد الحكرة والإقصاء والتهميش..إلا الصحفي والإعلامي والمنتسب؟ كيفاش بغيتو الصحفي يمارس الدور ديالو ويكون صوت المهمش والمحكور فالوطن وهو براسو حقو مهضوم وماقادرش يقول اللهم إن هذا منكر؟ واش أعباد الله نقيب الصحفيين و الأمين العام لمجلسهم الفيدرالي يتحكمان في رقاب الصحفيين ويمارسان الإستبداد والتسلط في أبشع تجلياتهما باسم الأغلبية داخل النقابة الوطنية للصحافة. وياويلو اللي دوا وتكلم. حكر مو،طحن مو، آش غيخرج منو. جاءت فترة الاعداد لانتخابات المجلس الوطني للصحافة فتواطأت النقابة الوطنية ودفعت في صفقة سرية بأمينها العام في المجلس الفيدرالي ليكون عضوا في لجنة الإشراف حتى يفصل الشروط على المقاس لإقصاء كل صوت حر. لكن، رغم قساوة الشروط وإجحافها وفي سابقة في تاريخ الانتخابات الصحفية ستزاحم لائحة التغيير ولائحة المسؤولية والوفاء اللائحة الانتهازية للتواطؤ النقابي. وسجل التاريخ الخروج العلني لبعض الأصوات الحرة الرافضة للهيمنة. انسحبت بعد صراع مرير اللائحتان المتنافستان لغياب شرط النزاهة وتكافئ الفرص. وبرزت النقابة المغربية للصحافة والإعلام لتساند دون قيد أو شرط اللائحتين المنسحبتين. وانضم الصحفي علي بوزردة ومجموعته إلى المكتب التنفيذي للنقابة المغربية للصحافة والإعلام لتنطلق شرارة ثورة الصحفيين والإعلاميين الرافضين لمنطق الوزيعة والحكرة والتسلط والإستبداد. وانطلقت البيانات، فانفكت عقدة الألسن وتحررت، وطارت الدهشة والخوف، وبدأت المعطيات تخرج للعلن فاضحة تسلطا لا مثيل له. تفجرت حقائق مؤلمة كشفت عن حجم الاستبداد والتغول على رأس هرم النقابة الوطنية للصحافة. وتأكد بما لا يدع مجالا للشك بأن القادم من الأيام سيعصف لا محالة بالإستبداد والتسلط. فقد استيقظت العنقاء وبعثت من الرماد ولا أحد سيوقف التسونامي. اجلسوا في مقاعدكم واربطوا أحزمتكم وانتظروا حقائق غتجمد لشي ناس الما فالركابي والدم في العروق...