قديما قال أسيادنا المغاربة بلهجتنا العامية "منين تطيح البقرة تيقواو الجناوة" ولكي نترجمها للشيخ جوجل بشكل دقيق سنقول "فقط عندما تنضج الثمار يظهر قاطفوها"، هذه هي للأسف حال بعض زملائنا ولا نعمم ممن نتقاسم معهم مهنة المتاعب، سواء كانت على حامل "إلكتريكي" أو من خلال شخبطات "الفأرة" .. مفيها عيب نحطو النقط في أماكنها (لان النقط في لغتنا العربية الجميلة توضع فوق الحروف وتحتها وليس فقط فوقها كما يحاول مترجمي المثل الفرنسي توضيحها لنا). إني اخترت أن أكتب وأوقع هذه المقالة باسمي الشخصي دون أية ألقاب أو صفات، وأعتقد أن هذا حق من حقوقي، إلا إذا حاول البعض الركوب على الظهر. وذلك بعد أن أزكمت روائح هنا وهناك أنوفنا بشعارات ومفاهيم جديدة حول الصحافة الإلكترونية، فما بين مؤسس لمفهوم "الصحافة الإلكتريكية" بعد أن صعقه تيار ذي توتر عال على هامش أشغال المؤتمر الوطني الأول للرابطة المغربية للصحافة الإلكترونية على مدار ثلاثة أيام ما بين بوزنيقة والرباط، وما بين مؤسس لمفهوم "صحافة الفأرة" بعد أن "زغبو" الله وحضر لفعالية بوزارة الاتصال حول مشروع قانون الصحافة الإلكترونية..
كنت سأكون متجاهلا لمثل هذه الشخبطات لو أن الموضوع بقي فقط وجهة نظر، من عادتي أن أحترمها وأقدرها في المخالفين قبل المتفقين معي، لكنها تبدو لي حمى أصابت من أصابتهم بعد أن استيقظوا من سباتهم العميق، ومن حقنا أن نقول لهم : "على سلامتكم وخير وسلام.. ومفيها باس نحكيوا ليهم آشق وقع ؟ وكيفاش وقع؟ باش ميضرهمش راسهم بزاف". رغم أني أكره أن أتحدث عن الواضحات.
في عام 1999 كان عدد الذين يمارسون الصحافة على الحامل الإلكتروني يحصون على رؤوس الأصابع، وللأسف ولا أحد من مؤسسي النظريتين السابقتين كانا يخربشان بالفأرة أو يبحرون في شبكة الانترنت، وربما حتى البريد الالكتروني لم يكونا يعرفانه، أقول ربما، كنت أذكر حينها وأنا اعمل مراسلا لشبكة إسلام أون لاين بالمغرب بالقطعة، وهي أول صلتي بالصحافة، فلم أكن وافدا ولا مهاجرا ولا مقلدا، (قلت أذكر حينها ) أن خوض هذه التجربة سيكون ما له في عالم أصبح فعلا قرية صغيرة.
أذكر أيضا أنه في تلك السنوات الأولى من الألفية العشرينية أن عددنا كان على رؤوس الأصابع؛ فأذكر الزميل نجيم، استيتو، حموش، بنمالك ، الدامون، بوضرة، وأستاذنا الجليل السوداني المغربي طلحة جبريل، و وزيرنا الحالي للاتصال مصطفى الخلفي الذي كان كاتب مقالات تحليلية سياسية إلكترونية، والذي لازلت أذكر حواراتي المباشرة معه في أضخم بوابة إعلامية عربية "إسلام أون لاين"..وآخرون أرجو أن يلتمسوا لي العذر إذا نسيت ذكرهم حرفا هنا ولكنهم في قلوبنا دوما..
لازلت أحتفظ بصور انطباعات الاستغراب والدهشة لدى ضيوفي في عدد من تلك الحوارات الحية في ذات الموقع الإلكتروني، لا تكسرها إلا التجربة العملية في خوض التجربة على الشاشة الإلكترونية.
لم يتحدث أحد حينها عن قطاع جديد سينظم للجسم الصحفي، رغم الظروف المعقدة، والتجاهل المستمر لمن يعملون باحتراف في هذه المواقع ولديهم عقود عمل تجمعهم بتلك المواقع الصحفية الإلكترونية.. وعندما تقدمنا عام 2006 وأنا حينها أمضيت سنتين في الانتساب للنقابة الوطنية للصحافة المغربية بورقة عمل لتنظيم يوم دراسي حول معايير وضوابط الصحافي والصحيفة الالكترونية بذات النقابة، ظل طلبنا حبيس الرفوف.
وكنا حينها مجموعة من الصحفيين الالكترونيين نقوم بالنشر بصحف ورقية لكي يتسنى لنا الحصول على البطاقة المهنية بصفة الفري لانس منذ عام 2005.. كنا كمن يسرق حقه المشروع.. نقدم جميع أوراق اعتمادنا كصحفيين من مؤسساتنا الإعلامية للجهات المعنية بوزارة الاتصال ولكن لا من مجيب.. ولا قوة في الدفاع عن حقنا المشروع..
انعقد مؤتمر النقابة لعام 2008 ليتمخض فيها ميلاد شيء سمي لجنة تضم : الصحافيين المعتمدين بمختلف وسائلهم الإعلامية، والفري لانس بمختلف وسائلهم الإعلامية والصحافيين الإلكترونيين .. لجنة قلنا حينها أنه لا يوجد أي رابط أو مشترك بينها غير أنها ديكور سيؤثث المشهد فقط، وبالفعل إلى عام 2009 لم يحدث شيء أو لم نستدع لشيء.. فبدأ التفكير في إطار بديل خاصة مع تزايد عدد الممارسين للصحافة الإلكترونية، عدد كبير منهم يمارسونها باحتراف وليس كما يحاول مهندس نظرية "صحافة الفأرة" تصوير الصحفيين الإلكترونيين كمن سيغرقون سفينة الصحافة التي صنعها لنفسه ولمن سيرضى عنهم.
أو كما زعم فيلسوف نظرية "الصحافة الالكتريكية" عندما حصر لائحة المقبولين لممارسة الصحافة هم عشرة مواقع فقط وبالحساب ولا يمكن تجاوزهم الا بصك موقع من صاحب جلالته . .. وللإشارة لم يتفق معنا أحد من وزارة الاتصال لننظم أنفسنا فقد تأسسنا عام 2009 كان حينها وزير الاتصال لازال يتقاسم معنا شقاء المهنة في جريدة التجديد اليومية.. قلت سبحان ميسهى الواحد راه يسحابلوا عاد تاسست هد الرابطة ودبروا أمرهم بليل..
فنحن في زمن تجهز فيه المشانق بسرعة البرق.. الله يستر وصافي..
ولأننا نؤمن بأهمية العمل الجماعي والتعاون رفضنا بمعية عدد كبير من صانعي فكرة "الرابطة المغربية للصحافة الإلكترونية" أن نكون نقابة .. بل رابطة ستشتغل لتوفير الظروف المناسبة لاشتغال هؤلاء الصحفيين الجدد من خلال ثغرات التكوين والقانون والدعم المعنوي.. وقلنا حينها أننا لسنا ندا ولا عدوا ولا بديلا، بل أصدقاء يرغبون في أن يرسموا معالم طريقهم بأنفسهم بعدما أرهقهم الانتظار لسنوات .
وأعتقد أنه من حقنا أن نخوض التجربة بعدما فشلت تجارب تمتلك كل المؤهلات المادية والمعنوية..
أذكر هذه الأمور للتاريخ حتى لا يزايد علينا أحد بالفضل في شيء ما، وأيضا حتى نعرف من ظهروا أخيرا لقطف الثمار وقد كانوا فيما سبق يرموننا بالحجارة أو على الأقل لنعرف هل الطريق كانت سالكة للصحفيين الالكترونيين ومن كان عقبة أمامهم؟؟؟ وإذا لم نجد ما نقوله لمن يسر لنا الطريق مهما اختلفنا معه، على الأقل نقول له كما كان يقول أجدادنا للأبناء المؤدبين : الله يرحم من قراك.
لماذا أقول هذا الكلام، لأني أرى كبرياءا وإحساسا بجنون العظمة يطير أو يكاد بعقول مؤسسي نظرية " صحافة الفأرة" و"صحافة الإلكتريك" عندما يقدمون أنفسهم أصحاب المجد والشهامة، عندما يحضرون لقاءات السيد وزير الاتصال الخلفي، وعلبة السجائر لا تفارق هواتفهم المحمولة كأنها رمز من رموز المهنة والكد فيها، أو عندما ينظرون بمزاجية وازدواجية غريبة للجسم الصحفي الالكتروني على انهم كائنات "طفيلية" قادمة للصحافة من المريخ في حين أنهم أنفسهم ومؤسساتهم الصحفية المجيدة اغلب محرريها ليسو خريجي معاهد الاعلام يعني حلال عليهم حرام علينا.
عندما كانت وزارة الاتصال تهمش الصحفي الذي يمارس عمله المهني على الحامل الالكتروني وتحرمه من حقه الطبيعي في الوصول للمعلومة، وتحرمه من أن يكون مثله مثل زميله في الصحافة الورقية أو السمعية البصرية .. كان أصحابنا ممن يدعون المهنية والأحقية بالصحافة الالكترونية ممن هم فقط "كتاب الخواطر" على الشاشة "الإلكتريكية"، قلت كانوا ينعمون في حضن كبريات الصحف الورقية، التي كانت بالمناسبة عدد منها تنسخ وتلصق مقالات وأخبار من إسلام أون لاين بصفحاتها، ولم يقدموا ولا "جغمة ديال الما" للصحفي الالكتروني المتعطش لحقه في العمل المهني بكل حرية ومسؤولية.
مفيها عيب الانسان يحشم على عرضو.. وحتى إذا أراد أن يتصدر القوم يدير باش؟؟ راه مبقاتش فالجبهة والسنطيحة؟؟ والحرب بالوكالة نعرف جيدا مصير مفبركيها.. والتاريخ لا يرحم..
والذي أريد أن أقوله بلغة أخرى ليست خشبية، لن نسكت اليوم على من يريد أن يضرب تحت الحزام، وكأننا خماسين في سوق الرحبة لديه...
فاحدهم استفاق مصدوما وبعد أن أصبح يفهم في كل شيء، حتى السينما، وقد تم ترسيمه بأحد لجانها، اختصر مشكل ومعاناة الصحافيين الإلكترونيين في "الضو" يعني "صحافة الإلكتريك".. ما هذا الضحك على الذقون؟؟؟
وفي اللقاء الأخير لنا مع السيد وزير الاتصال مصطفى الخلفي الذي هو قبل ذلك زميل لي في الدراسة بالجامعة وزميل في مهنة المتاعب، وقد عاش معي عددا من تلك المحطات، بل ووقف على حقيقة سير أول موقع عربي يحصل على جائزة الايزو للجودة قبل ان تعصف به السياسة، من خلال زيارته لمقر اسلام اون لاين بالقاهرة، الذي كان يشتغل به أزيد من 200 محرر ومحررة متخصصين في مجالات مختلفة.
قلت في هذا اللقاء حاول أحدهم أن يعلمنا أصول المهنة، وكأننا مجرد "ماكينات ديال الصابون" أعز الله قدركم زملائي الصحفيين الإلكترونيين، وكأن السيد الوزير ألح في طلبه وعيا ما يرغب فيه باش يحضر للقاء.. المشكلة هو ماذا قدم وماذا أنتج من حلول جذرية عصفت ولازالت تعصف بالممارسين للصحافة الالكترونية؟؟؟
وهنا، اسمحوا لي أن أقول راه كاين اللي عزيز عليه يلعب بالكلمات، لأنه لا يوجد أي أحد قال أو يقول بأن الصحافي الالكتروني ينبغي أن تعطاه الخصوصية بالاسم، يعني كما قال صاحبنا "تيعرف يستخدم لاسوري"...
وإذا كان صاحبنا يريد أن يختصر الموضوع كما اختصره أسلافه في "الضو" فإننا أمام نظريات هجينة سطحية مسطحة..
وأما عن المهنية والموضوعية التي أتحفنا بها صاحب نظرية "صحافة الفأرة" لدرجة التخمة فعيب وعار على متخرج من مدرسة صحافية مهنية كبيرة أن يرتكب خطأ مهني جسيم يفتقر لأبجديات الصحافة وينشر خبرا عار عن الصحة ويتهمني شخصيا على هامش المؤتمر الوطني الأول للرابطة بسرقة أوراق انتخابات المجلس الوطني للصحافة الالكترونية في سيارتي الخاصة والذهاب بها إلى وجهة غير معلومة؟؟؟ وكان يمكن لمن يتصيدون مثل تلك الأخطاء المهنية أن يكلفك الشيء الكثير.. متخفش راني مشي منهم.. مازال نصبروا كثر.
ودعني هنا أقول لكم ولكل من ينعت الصحافة الإلكترونية بالمغرب ب"السبورات الالكترونية" ، اللي تيقول العصيدة باردة يخشي يدو فيها، بمعنى آخر وبالواضح، إذا كنتم تمارسون "الشخبطة الإلكترونية" وحققتم ما حققتم من "عدد الزوار" لدرجة الإحساس بالعظمة، فينبغي الوقوف على عدد من الأمور التي نحن على وعي بها جيدا، ومفيها باس نشرحو للناس كيفاش:
هل كنت ستصل لمصادر المعلومات لو لم تكن في السابق تعمل في صحيفة ورقية أو راديو أو تلفزيون أعطاك ما أعطاك من رمزية مهنية فتحت لك الباب لتصبح ما أنت عليه؟ المهم غير الإنسان يعترف بالخير..
هل كنت ستكون ما أنت عليه اليوم لو لم تتقدم خطوات على حساب جهود الآخرين مستغلا أنية وسرعة النشر الالكتروني؟؟ راه بزاف اللي بداو سبورة الكترونية... ولكن كاين اللي فيهم النفس ومبغينش يكبروا على ظهر الآخرين ومعتمدين على إمكانياتهم الذاتية .. والفاهم يفهم.
للذين يريدون أن يقدموا أنفسهم رمزا بديلا للمؤسسين في مجال الصحافة الالكترونية فكأنما يضحكون على أنفسهم أولا وقبل كل شيء، وإلا فمن حقنا أن نقول لكم ماذا قدمتم لزملائكم في المهنة لكي يحسنوا أداءهم ؟؟ ولكي لا يكونوا فقط سبورات الكترونية؟ أو لكي لا يكونوا مجرد مستخدمين للفأرة؟؟؟ وغيرها من التشريحات المملة والحاطة من المستوى.
ليس الفتى من يقول كان أبي بل من يقول ها أندا... ولا اخفي احترامي لعدد من الزملاء والزميلات ممن التحقوا بالصحافة الالكترونية لسبب أو لأخر ومفيها حتى عيب، وممن يختلفون معنا في وجهتنا، ولكنهم على الأقل التزموا حكمة الحكماء "الصمت حكمة".. لأنه عيب وعار الإنسان يشوه راسو على والو.. راه الدنيا فايتة..
ونحن لا نخاف من المنافسة، بل لا طعم للحياة بدون منافسة ينتج عنها نجاح أو فشل؟؟ ولكن الضرب تحت الحزام والتخفي وراء الأوهام هي حيل الفاشلين .. وليست طريقنا طريقهم..
وسنكون جد سعداء بأن يؤسس من شاء ما شاء، بل سأكون شخصيا أول المهنئين له إذا جاء بالجديد ولم يتلاعب بالكلمات..
وفي الختام ساترك كلمة ناطقة لكل من يرغب في تطوير الصحافة الإلكترونية بالمغرب عمليا وفكريا، بعيدا عن المزايدات والمغالطات، أنا رهن إشارة كل من يعتقد أنه يمتلك رؤية واضحة للصحافة الالكترونية مختلفة تماما عما أطرحه أو أدافع عنه، أو يرى أن ما نقوم به هو مجرد تحريك للفأرة أو مغازلة لشاشة "إلكتريكية"، من خلال مواجهة مباشرة في مناظرة إعلامية أمام الملأ .. والى أن نتلقى عرضا بذلك سنمضي قدما في ما أسسنا له بكل جد وحزم .