تستعد الحكومة لتقديم مشروع قانون ماليتها الثاني الذي من المنتظر أن يعرض على أنظار مجلس النواب خلال الأيام القليلة المقبلة، وفقا لمقتضيات دستور 2011، وذلك بعد أن اكتملت الهندسة العامة للمشروع التي اعتمدت على انضباط مختلف القطاعات الوزارية للرسالة التوجيهية لرئيس الحكومة، حيث التأكيد على ترشيد نفقات التسيير ودعم النمو ومواصلة جهود الدولة في مجال الاستثمار، ووضع الإصلاحات القطاعية الضرورية وتحسين الحكامة والتنافسية وتقوية التضامن والتماسك الاجتماعي، مع الأخذ بعين الاعتبار ضمان التوازنات الماكرواقتصادية والمالية وتحسين تنافسية الاقتصاد الوطني وتقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية. وتبقى أهداف مشروع القانون المالي لسنة 2013 طموحة جدا بالنظر للظرفية الاقتصادية الصعبة التي أعد فيها، وأساسا تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية على الاتحاد الأوروبي الشريك التجاري الأول للمغرب إذ تؤكد جميع المعطيات أن الأزمة ستظل مهيمنة على معظم الدول الأوروبية خلال السنة المقبلة دو إغفال التحديات الاقتصادية والاجتماعية على المستوى الداخلي، وفي مقدمة ذلك تراجع الصيد الوطني من العملة الصعبة الذي يقارب حوالي 4 أشهر مقابل تغطية الواردات، ومعضلة البطالة خاصة في أوساط الشباب حاملي الشهادات.
وهكذا يراهن المشروع، الذي سيقدمه نزار بركة وزير الاقتصاد والمالية، على تحقيق معدل نمو في حدود 4.5 في المائة وتقليص نسبة عجز الميزانية إلى أقل من 5 في المائة وتخصيص 24 ألف منصب شغل والحفاظ على المجهود الاستثماري العمومي من خلال اعتماد مقاربة جديدة تركز على تحسين مردودية الاستثمارات المنجزة وضمان انخراط أفضل للمؤسسات العمومية في المجهود المتعلق بالميزانية وتوزيع الأنشطة الإنتاجية وتنمية القطاعات ذات القيمة المضافة العالية كما هو الشأن بالنسبة للقطاع الصناعي والسياحة والفلاحة والصناعة التقليدية وتطوير مختلف القطاعات الموجهة للتصدير، ومواكبة المقاولات الصغرى والمتوسطة والعمل على تخفيف العبء الضريبي لفائدتها، ودعم التغيرات التي تواجه نمو متواصل باستقلالية عن التغيرات المناخية بالإضافة إلى التدابير والإجراءات التي تتوخى تحقيق استقرار آمن للموارد الجبائية وغير الجبائية، باعتبار أن الالتزامات المهمة للدولة تقتضي مجهودا كبيرا على مستوى النفقات، وعلى هذا الأساس يبقى الإصلاح الضريبي ضمن الأولويات التي وضعتها الحكومة في برنامجها، والتي من المفروض الشروع في تنفيذها برسم مشروع القانون المالي 2013، وفي هذا الإطار ستكون إعادة النظر في الاستثناءات الضريبية أمرا مفيدا لخزينة الدولة التي تفقد حوالي 30 مليار درهم.
وضمن أولويات الحكومة التي من المنتظر بلورتها على مستوى مشروع قانون المالية، العمل من أجل إيقاف النزيف الذي يتعرض له الرصيد الوطني من العملة الصعبة، حيث يتم الحديث عن إطلاق مجموعة من التدابير التي تسمح بوضع عقود برامج جديدة مع عدد من القطاعات والمقاولات لتقوية تنافسيتها وتحسين مردوديتها الاستهلاكية للمواطنين وتقليص اللجوء للخارج، أو على المستوى الدولي عبر تقوية حضور المنتوجات المغربية في الأسواق الخارجية والرفع من القيمة المضافة للعرض التصديري المغربي.