انتقل مساء اليوم الثلاثاء الموسيقار المغربي الكبير الحاج الجيلالي بالمهدي إلى دار البقاء، بعد معاناة مريرة مع المرض. ويعد رحيل قيدوم الموسيقيين، الأستاذ الجيلالي بالمهدي، الذي بصم على مشوار طويل حافل بالعطاء مع الجوق الوطني، خسارة للجسم الفني ببلادنا. رحل إذن الحاج الجيلالي بالمهدي، وترك أعمالا فنية تظل راسخة في الأذهان، من قبيل مقطوعة "فرحة ورزازات"، ومقطوعتي "مونية" و"نعيمة"، و"رقصة بلادي" وهي من الألحان التي اشتغل عليها الراحل بالمهدي، والتي تركت أثرا حسنا على مستوى أذن المستمع المغربي الذي صفق لها كثيرا كلما عزفت. الجيلالي بالمهدي، الذي ولد بمدينة فاس عام 1934، ارتبط بشقيقه وأستاذه الراحل محمد بالمهدي عازف الكمان الشهير ومؤلف "رائعة فرحة"، الذي لقنه أصول الموسيقى والعزف على آلتي العود والكمان، كما حفظ العديد من الألحان المغربية والعربية، وأن مساره الفني بدأ سنة 1950 مع جوق "الانبعاث"، وبعد اكتسابه خبرة واسعة في العزف على آلة الكمان، التحق عام 1957 بجوق المنوعات، الذي كان يرأسه أسطورة الكمان المغربي الراحل أحمد الشجعي، ليلتحق بعد ذلك بالجوق الوطني التابع لدار الإذاعة الوطنية، التي كان يديرها الدكتور المهدي المنجرة. وعلى خطى شقيقه، الذي أبدع معزوفة "فرحة" والرائد محمد الشجعي الذي ألف "فرحة الشعب" وغيرها من القطع الخالدة، أبدع الفنان الجيلالي بالمهدي، بدوره أعمالا فنية جميلة ناهزت 26 عملا، لعل من أشهرها "فرحة ورزازات"، التي ارتبطت باسمه، كما لحن العديد من الأغاني لمجموعة من الفنانين المغاربة من بينهم الراحل المعطي بنقاسم، ولطيفة آمال، وإدريس واكواكو، ومحمد علي. خلال مسيرته الفنية الحافلة، التي امتدت على مدى 60 سنة، لم يبخل الفنان بالمهدي في تلقين مهاراته الفنية التي اكتسبها من رواد الموسيقى المغربية والعربية للجيل الجديد، كما خص العديد من المواهب الشابة بأغاني جديدة. وكل من عاشر الراحل أو تعامل معه يشهد له بحسن الخلق، وعدم احتكار المعلومة الموسيقية، بدليل أنه وبالرغم من تقدمه في السن، كان يقدم يد العون لكل شاب أو شابة على مستوى اللحن والتوجيه الموسيقي وتعليم آلة الكمان لمن يرغب من الشباب، فقلبه كان مفعما بالحب والعطاء، لذلك كنت تجده في كل نشاط فني استدعي إليه من قبل جمعية من الجمعيات المدنية، يكون فيها من السباقين لقبول الدعوة. رحم الله الحاج الجيلالي بالمهدي وأسكنه فسيح جنانه وألهم ذويه الصبر والسلوان، وعزاؤنا إلى جميع أفراد عائلته الصغيرة والكبيرة.. "إنا إلى الله وإنا إليه راجعون".