أفرجت وزارة الإتصال والثقافة على لائحة المواقع الإلكترونية المستفيدة من الدعم العمومي برسم سنة 2017، وتراوحت قيمة الدعم الذي تم توزيعه بين 60 مليون و8 ملايين. لجنة الدعم، التي تضم من بين أعضائها كلا من نور الدين مفتاح رئيس فيدرالية الناشرين المغاربة، والكاتب العام لوزارة الإتصال وكمال لحلو رئيس الفيدرالية المغربية للإعلام، منحت للسيد نور الدين مفتاح 28 مليون على موقعه الإلكتروني الأيام 24 زيادة على 180 مليون سنتيم لفائدة جريدته الورقية "الايام". وبهذا المبلغ الضخم، أصبح عضو لجنة الدعم ورئيس فيدرالية الناشرين السيد نور الدين مفتاح هو الأكثر استفادة من الدعم العمومي الممنوح للصحافة المغربية بقيمة 220 مليون سنتيم هذه السنة، والخطير في الأمر هو أن ملف موقع الايام24 لا يستحق دعما بحجم القيمة التي استفاد منها لكونه يضم خمس بطائق مهنية برسم سنة 2016. لكن عند وضع الملف من أجل الدراسة، وبقدرة قادر، أصبح عدد الصحفيين المهنيين بالموقع 11 صحفيا!! وهذا جزء يسير من عمليات الخروقات للقانون التي طالت ملفات المواقع الأخرى المستفيدة من الدعم المنفوخ. العجيب في هذه اللجنة أن مدير نشر موقع الكتروني وصاحب جريدة مدعومة بالملايين حضر ليدافع عن نفسه وعن جرائده وهو ما افقد اللجنة حيادها ومصداقيتها وجعلها مجالا للدفاع عن المصالح الشخصية وافسد الغاية والفلسفة التي من أجلها انشئ الدعم العمومي الذي سنه صاحب الجلالة للصحافة الوطنية من أجل تطويرها وإفساح المجال أمام العاملين فيها .. تركيبة اللجنة، تطرح عدة تساؤلات بخصوص ضمان حيادها وهو ما يستوجب إعادة النظر في مكوناتها، وتحييد كل من يرغب في الاستفادة من الدعم لفائدة مواقعه او صحفه لأن القوانين والأنظمة الاساسية والداخلية، لكل اللجان المماثلة في جميع بقاع العالم تقضي بعدم قبول أي شخص له منفعة او مصلحة في ما تبت فيه اللجنة، وحتى القضاة بالمملكة وباقي دول العالم يخضعون لقاعدة التجريح التي تجد أساسها القانوني في قانوني المسطرة المدنية والمسطرة الجنائية اللذين ينظمان التقاضي أمام القضاء المدني والقضاء الزجري، وهي من أهم الضمانات التي تكفل نزاهة وحياد القاضي، وتحول دون تأثره بمصالحه الشخصية أو بعواطفه الخاصة، التي تنأى به عن تحقيق العدالة..
هذه القاعدة تم تهميشها من طرف وزارة الاتصال وباقي الاطراف المكونة للجنة الثنائية لمنح الدعم العمومي للصحافة الورقية والإلكترونية، وهو ما جعل الزميل نور الدين مفتاح يظفر بكل هذا المبلغ الهائل لفائدة "منتوجاته"، وهو مبلغ لم يكن ليحصل عليه لو أن شخصا محايدا كان مكانه داخل اللجنة.. ذات اللجنة العجيبة، منحت دعما ماليا بقيمة 40 مليون سنتيم لموقع اليوم24 لصاحبه توفيق بوعشرين رغم أنه يستفيد من دعم عن جريدته الورقية كل سنة ومن نفس اللجنة بقيمة 220 مليون سنتيم، لا لشيء سوى أن بوعشرين كان هو أيضا من "أصحاب العرس"، كما يقول المغاربة.. بوعشرين هذا، لم يكتف بغنيمة 260 مليون سنتيم، بل واصل الانخراط في معركته دفاعا عن موقعه الإلكتروني السابق "فبراير كوم"، الذي يتقاسمه سريا مع الزميلة مريا مكريم، ليتمكن من "إقناع" أصحابه في اللجنة بمنحها دعما بقيمة 28 مليون سنتيم رغم أن ملفها التقني مليء بالثغرات، ضمنها أن بطائق الصحافة لم تمنح لها إلا في آخر لحظة لتكمل ملفها قانونيا حتى لا تفوّت فرصة وجود من سيدافع عليها للظفر بجزء من "الغنيمة". وبدوره، قاتل كمال لحلو، رئيس الفيدرالية المغربية للإعلام ، للظفر بنصيبه من الغنيمة من خلال الدفع بملف ثلاثة مواقع من أجل دعمها رغم أنه يستفيد من 120 مليون سنتيم عن جرائد ورقية أخرى، إلا ان السيد غير "قانع" بهذا وحاول إقناع أعضاء اللجنة لكن فشل في ذلك فقط لأن ملفه كان غير مكتمل بدرجة كبيرة ولولا ذلك لحصل على نصيبه كباقي زملائه في اللجنة.. ومن عجائب الأمور أيضا، أن بوعشرين دفع بموقع آخر تابع له اسمه "سلطانة" حيث طالب بدعمه ب 60 مليون سنتيم!! وموقع ثالث خاص بالسمسرة لكن تم رفض طلبه، وهي تسخينات أولية ليس إلا في انتظار السنة المقبلة، لكي يستحوذ على نصف مبلغ الدعم المخصص للصحافة الإلكترونية لوحده. والأكثر غرابة أن شركة بوعشرين، التي تصدر موقع اليوم24، أدلت بحسابات بنكية لكتلة أجور تفوق 300 مليون سنتيم في السنة، أي ما يعادل 25 مليون سنتيم شهريا، وهي قيمة ضخمة للأجور تخوله أن يفوز بأعلى نسبة دعم توازي 60 مليون سنتيم، وهي القاعدة التي وضعها عقد البرنامج للاستفادة من الدعم، بالله عليكم هل من له 300 مليون سنتيم سنويا يؤدي بها فقط أجور العاملين هو في حاجة الى دعم للدولة بقيمة 40 مليون؟ فإما أن الحسابات المدلى بها غير صحيحة ومنفوخ فيها، أو أن هناك تبييضا لمال لا تعرف مصادره، هذا بدون أن ننسى بأن موقع اليوم24 له مداخيل إشهارية تفوق مليار سنتيم سنويا. وحصل موقع هسبريس على 60 مليون سنتيم مثله مثل موقع لو360 فيما أعطت اللجنة 20 مليون سنتيم فقط لموقع هبة بريس، و50 مليون لتيل كيل و 40 مليون لشوف تيفي، ومنحت لموقع تليكسبريس أقل قيمة دعم لأنها في اعتبارهم "خارج السرب" وأنها تكثر من الأنشطة الرسمية بما فيها الوطنية، وهو ما يفقد هذا الموقع حياده!!! حسب قول بعض أعضاء اللجنة. كما تم إقصاء مواقع الكترونية وطنية أخرى مثل موقع كواليس للزميل محمد بودالي، وموقع آخر تابع لمجموعة النهار المغربية. مصادر من داخل اللجنة ذكرت أن الإتجاه في منح الدعم مستقبلا سيتم عبر توجهات يسطرها الأعضاء المسيطرون على الدعم، وأنه لا مكان مستقبلا للمواقع التي "تطبل"، حسب قولهم، للأنشطة الرسمية والمخزنية، وأن المستقبل للصحافة الإلكترونية الأكثر جرأة التي تفضح!! وهو ما يعني أن اللجنة ستدعم صفحات الفيسبوك والمدونات وباقي الحسابات بمواقع التواصل الاجتماعي.. وفي هذه الحالة علينا أن نقيم على الصحافة صلاة الجنازة.. إذا كانت الدولة، في شخص وزارة الاتصال والثقافة، لا تريد مثل هذا النوع من الإعلام الوطني الذي تجده منافحا مكافحا على الثوابت الوطنية في أوقات الشدة، وخير دليل على ذلك هجمات الجزائر والبوليساريو وما جرى من ضرب لأسس الدولة المغربية خلال الحملات المغرضة إبان ما عرف بحركة 20 فبراير ، إذا كانت الدولة لا ترغب في ذلك، على الرغم من ان فلسفة الدعم تهدف من بين ما تهدف إليه لضمان تنوع إعلامي على المستوى اللغوي والسياسي والفكري والثقافي..، فإننا غير مستعدين في تليكسبريس للارتكان إلى الخلف وترك البلاد عرضة لمن ينهشها بسبب أو بدونه. الأمر المهم والأساسي الذي على وزارة الإتصال أن تعلمه جيدا، هو أننا في تليكسبريس وبعض المواقع الأخرى المماثلة إعتمدنا المحتوى الإيجابي، وليس المحتوى السلبي وهو مايعني أننا نتحمل عبئا كبيرا في ايصال الخبر الرسمي للقارئ بإعتبار أن الجمهور المتابع للصحافة الإلكترونية يتجه بشكل مفجع نحو المحتوى السلبي من أخبار الجريمة والكذب والتضليل من قبيل شاهد قبل الحذف، وإذا كنا نتحمل ثقل المحتوى الإيجابي في مواجهة مواقع منافسة لها فلسفة تشويه المجتمع وإفساده بلقطات جنسية وأخبار مفبركة، فإننا غير ملزمين مستقبلا بأن نبقى لوحدنا نتحمل هذا الحمل. فإذا كانت المواقع الإلكترونية والورقية التي تستفيد من حصة الأسد من الدعم لاتنشر حتى لوزير الإتصال بلاغا او نشاطا يقوم به، ورغم ذلك تستفيد من الملايين، فإننا نعي جيدا ذلك ونعرف أن محاربتنا ومضايقتنا يعني قتل مثل هذه الصحافة. إننا لا نستهدف في هذه الورقة اي مسؤول في الوزارة بقدر ما نستنكر من وضع عقد البرنامج المشؤوم على مقاس بعض المريدين والأصدقاء والحواريين، الذين استغلوا مراكزهم وعتادهم للاستقواء على المقاولات الصغيرة والمتوسطة المشتغلة في مجال الصحافة الالكترونية بشكل جدي وبروح مفعمة بالوطنية وحب البلاد، وهم يدفعوننا الى الإفلاس التام بعدما فرضوا علينا الرفع من أجور الصحافيين، والإلتزام بمصاريف أخرى كبيرة لا ترقى الى الدعم الهزيل الذي رمته لنا لجنة الدعم كأننا قطط على موائد اللئام.