اهتمت الصحف الجزائرية، الصادرة اليوم الثلاثاء، بالانتقادات الموجهة لمشروع قانون المالية 2018 في الجزائر، حيث خصصت تعاليقها وتحاليلها للانتقادات التي وجهها نواب المعارضة وفاعلون من المجتمع المدني للمشروع، الذي قدمه وزير المالية، عبد الرحمان راوية، أمام المجلس الشعبي الوطني، معتبرين أن هذا النص بمثابة "قنبلة موقوتة". وفي معرض تعليقها على هذا المشروع، كتبت صحيفة (ليبيرتي) أن الحكومة تصم آذانها عبر التقليل من خطر تدهور محتمل للوضع الاجتماعي، نتيجة زيادة هامة في أسعار مواد تستهلك على نطاق واسع، وتخفيض كبير في قيمة الدينار خلال سنة 2018. وبخصوص التطمينات التي قدمها الوزير بعدم اللجوء إلى صندوق النقد الدولي ومخططه للتقويم الهيكلي والمستوى المريح لاحتياطات الصرف، أوضحت الصحيفة أن راوية لم يلمح إلى الانعكاسات السلبية لطباعة الأوراق النقدية. وبالفعل فإن الترخيص للجوء إلى طباعة الأوراق النقدية، لملء صناديق الدولة، يكرسه أحد مقتضيات مشروع قانون المالية 2018، وهو حل يبقى، في رأي عدد كبير من المتخصصين والعديد من المؤسسات الدولية غير ملائم لتسوية الأزمة التي تعيشها البلاد بسبب انعكاساتها على قيمة الدينار وعلى القدرة الشرائية لأغلبية المواطنين. واعتبرت الصحيفة، في افتتاحية بعنوان "قفزة محفوفة بالمخاطر" أن هذه التطمينات تبقى خاضعة لتحكم حكومة أويحيى في الوضع الاقتصادي والاجتماعي بالبلاد، وهي مهمة سهلة بما أنه يتعين على الحكومة، بحسب صاحب الافتتاحية، تفادي خروج الواردات عن السيطرة، وأن تحرص على عدم انهيار الانتاج من المحروقات مع الأمل في أن لا ينخفض سعر برميل النفط إلى أقل من 50 دولارا. ولاحظ أن "النتيجة قد تكون، في نهاية المطاف، مخالفة لما يسعى إليه أويحيى بأي ثمن: السلم الاجتماعي قبل الانتخابات الرئاسية لسنة 2019"، مسجلا أن الجزائر تستعد إذن للقيام بقفزة محفوفة بالمخاطر في عهد حكومة أويحيى، ولا يمكن لها أن تنجح إلا إذا أنصت المسؤولون لآراء الخبراء ولانشغالات المواطنين "وهو ما يبدو أنه لا يطبق حاليا" على حد قول الصحيفة. وفي السياق ذاته، ذكرت صحيفة (الوطن) أنه خلافا لتطمينات الوزير الأول وأعضاء حكومته، فإن ممثلي أحزاب المعارضة يعتبرون هذا النص بمثابة "قنبلة موقوتة"، حيت يرون أنه سيتم استهداف الفئات المعوزة لتحمل نتائج الأزمة المالية. وتحت عنوان "الحكومة تفرض عبء التقشف على المواطن البسيط"، كشفت الصحيفة أن "مشروع قانون المالية يتجاهل صرخات الاستغاثة التي أطلقتها العديد من القطاعات والساكنة. فهو مشروع يزرع اليأس، لأنه يجمد التوظيفات ويقلص من ميزانيات قطاعات حيوية، مثل الصحة والتعليم العالي. إنه حلقة أخرى من التقشف الذي قد تتسبب في الفوضى بالبلاد". من جهتها، لاحظت صحيفة (الفجر) أنه إذا كانت الحكومة تقوم بقياس عواقب الأزمة بشكل سنوي، فإن المواطن يستشعرها كل يوم حيث يفرغ جيوبه لتلبية حاجيات أسرته. من جانبها، أوردت صحيفة (كل شيء عن الجزائر) تعليق رجل الاقتصاد ألكسندر كاتب الذي قال إن "المأزق المالي والموازناتي الذي توجد فيه اليوم الجزائر ليس مرتبطا فقط بالنتائج المباشرة لأزمة النفط"، مضيفا أن "غياب برمجة متعددة السنوات على مستوى الميزانية وغياب التقييم الدوري لفعالية ونجاعة نفقات التجهيز، وكذا التفاقم غير الحذر لعجز هيكلي، خارج المحروقات، والذي وصل إلى حدود 38 في المائة من الناتج الداخلي الخام سنة 2014، كلها عوامل سرعت من وتيرة أزمة المالية العمومية". بدورهما أشارت صحيفتا (الحياة) و(لوتان دالجيري) إلى أنه على أساس سعر مرجعي ب50 دولارا لبرميل النفط، فإن مشروع قانون المالية لسنة 2018 يقترح رسوما جديدة والرفع من أسعار بعض المواد مثل الوقود. ويتوقع المشروع نفقات إجمالية قدرها 8628 مليار دينار (31, 4043 مليار دينار لنفقات التجهيز و46, 4584 مليار دينار لنفقات التسيير)، أما مداخيل الميزانية فإنه من المتوقع أن تبلغ 58 ,6496 مليار دينار. وفضلا عن هذه الانتقادات، نددت الصحف الجزائرية ب"دكتاتورية الأغلبية"، والتي اختارت، من أجل تمرير هذا النص بهدوء وتفادي تأثيره على الانتخابات المحلية المقبلة، عدم نقل النقاشات مباشرة على شاشة التلفزة.