تجري محاكمة المتهمين المتابعين على خلفية الأحداث المرتبطة بتفكيك مخيم "اكديم إيزيك" بمدينة العيون تحت أعين العديد من جمعيات حقوق الإنسان والمنظمات غير الحكومية والمنظمات المستقلة وعدة منابر إعلامية وطنية ودولية، وذلك تكريسا للشفافية وضمان شروط المحاكمة العادلة. وتسير أطوار محاكمة المتهمين في هذه الأحداث، التي وقعت في شهري أكتوبر ونونبر 2010، وخلفت 11 قتيلا بين صفوف قوات الأمن من ضمنهم عنصر في الوقاية المدنية، و70 جريحا من بين تلك القوات وأربعة جرحى في صفوف المدنيين، كما خلفت خسائر مادية كبيرة في المنشآت العمومية والممتلكات الخاصة، في أجواء عادية احترمت فيها كافة ضمانات وشروط المحاكمة العادلة. وكانت المحكمة العسكرية بالرباط أصدرت، في 17 فبراير 2013، أحكاما تراوحت بين المؤبد، و30 سنة سجنا نافذا، و25 سنة، و20 سنة سجنا نافذا، في حق المتابعين بعد إدانتهم من أجل تهم "تكوين عصابة إجرامية والعنف في حق أفراد من القوات العمومية الذي نتج عنه الموت مع نية إحداثه والمشاركة في ذلك". وقضت محكمة النقض بالرباط، في 27 يوليوز 2016، بنقض الحكم الصادر في حق المتهين ال24 المتابعين في هذه القضية، وإحالة الملف على غرفة الجنايات باستئنافية الرباط. وبعد قبول طلب النقض، أصبح بإمكان ضحايا أحداث "إكديم إزيك"، الانتصاب كمطالبين بالحق المدني، بعد تعديل القانون وإحالة جميع المتهمين في هذه القضية على محكمة الاستئناف بالرباط. وجاءت إحالة هؤلاء المتهمين على محكمة مدنية، بناء على مذكرة قدمها المجلس الوطني لحقوق الإنسان، في يوليوز الماضي، بهذا الخصوص، قصد تعديل مسطرة المحاكمة. وفي 26 دجنبر الماضي، شرعت غرفة الجنايات الابتدائية بملحقة محكمة الاستئناف بسلا، بعد قبول طلب النقض، في النظر في القضية، حيث عرف انطلاق هذه المحاكمة حضورا مكثفا لعائلات ضحايا هذه الأحداث، كما تقدمت مجموعة من المحامين لمؤازرة المتهمين، ومن بينهم بعض المحامين الأجانب بعد حصولهم على الإذن بالترافع أمام المحكمة من قبل وزير العدل والحريات السابق، وفقا لما ينص عليه قانون مهنة المحاماة والاتفاقيات الثنائية بين بلدانهم والمملكة المغربية، إلى جانب تنصيب مجموعة من المحامين للنيابة عن ذوي حقوق الضحايا كمطالبين بالحق المدني ، من بينهم محامون أجانب بعد أن حصلوا بدورهم على نفس الإذن. وخلال الجلسة الرابعة من أطوار المحاكمة، قررت غرفة الجنايات الاستئنافية بملحقة محكمة الاستئناف بمدينة سلا رفض طلبات السراح المؤقت للمتهمين التي تقدم بها دفاعهم، وتأخير القضية إلى 13 مارس المنصرم لمواصلة النظر فيها. وعرضت غرفة الجنايات الاستئنافية، في جلسة 13 مارس، شريط الأحداث الدامية التي وقعت بمخيم "إكديم إزيك"سنة 2010، باعتباره من بين الوثائق التي أحالتها محكمة النقض على محكمة الاستئناف باعتبارها محكمة إحالة. وقررت المحكمة خلال الجلسة الخامسة الاستماع للشهود (ضباط ومحررو محاضر الضابطة القضائية) وخمسة شهود (تخلف واحد منهم بسبب حادثة سير) بعدما تأكدت من هويتهم. وأكد الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط حسن الداكي، عقب انتهاء أطوار الجلسة الخامسة من محاكمة المتهمين في قضية أحداث اكديم إزيك، أن المحامين الذين حضروا جلسات المحاكمة وعلى رأسهم أعضاء هيئة الدفاع ومحامو الطرف المدني وكذلك الملاحظين والمتتبعين المغاربة والأجانب لجلسات المحاكمة عاينوا مدى الجهود التي تبذلها المحكمة لتوفير كل حقوق الدفاع وضمانات المحاكمة العادلة. وشدد الوكيل العام للملك، في تصريح صحفي، أن هؤلاء عاينوا أيضا ما تم توفيره من وسائل تنظيمية وإمكانات لوجستيكية لتوفير الظروف الملائمة للمتهمين وباقي الأطراف. وسجل في المقابل أنه "في الوقت الذي تجري فيه المحاكمة في ظروف عادية جدا حرصت فيها هيئة المحكمة على توفير كل ضمانات المحاكمة العادلة للمتهمين ولباقي الأطراف ويتمتع فيها الدفاع بكامل الحقوق المخولة له قانونا لموكليه، فوجئ الجميع بإصدار ثلاثة محامين أجانب ينوبون عن المتهمين بلاغا يدعون فيه بأن موكليهم يتعرضون لعدة انتهاكات وأن المحاكمة تجري في ظروف غير عادلة وأن حقوق الدفاع لا يتم احترامها وأن أقارب المتهمين يهانون ويضربون أمام المحكمة"، مضيفا أن المحامين الذين أصدروا البلاغ "ادعوا أنه يتم سبهم في قاعات الجلسات وانهم لا يعرفون ما ستلجأ إليه السلطات من أجل دفعهم إلى الانسحاب مبكرا من المحاكمة" . وأوضح أنه بقدر ما تستغرب النيابة العامة إقدام المحامين الأجانب الثلاثة على إصدار هذا البلاغ في الوقت الذي كان فيه دفاع المتهمين يمارس حقوقه كاملة في قاعة الجلسات كما يكفلها لهم الدستور والقوانين المغربية، فإنها تستغرب أيضا "اتهامهم للسلطات بالتضييق عليهم من أجل دفعهم للانسحاب من فريق الدفاع، متسائلة عن الهدف من توقيت إصدارهم لهذا البلاغ، حيث كانوا يوجدون في قاعة الجلسات ويمارسون مهامهم بكل حرية". كما استغربت النيابة العامة، يضيف السيد الداكي، أن يتم نشر هذه الادعاءات رغم أن وقائع الجلسات مسجلة بالصوت والصورة، ويتم نقلها بأمر من المحكمة عبر شاشات إلى قاعة جلسات إضافية مجاورة خصصت لاستيعاب أكبر عدد من الملاحظين والمتتبعين، مبرزا أن النيابة العامة تتساءل عن اختيارهم لهذه الطريقة لطرح أمور كان يمكن مناقشتها داخل قاعة المحكمة والاحتكام فيها إلى سلطة القضاء، إن لم يكن الهدف هو محاولة التأثير على المحكمة والمس باستقلال القضاء. وشرعت غرفة الجنايات الاستئنافية، في 13 مارس الماضي، في استنطاق المتهمين في القضية، كما شرعت في عرض المحجوزات التي ضبطت مع المتهمين، وقررت عرض المحجوزات، التي أحيلت عليها بصفة قانونية بناء على القرار الصادر عن محكمة النقض، على المتهمين، وهي عبارة عن مجموعة من الاسلحة البيضاء، والهواتف النقالة، ومبالغ مالية وطنية وعملات أجنبية. وعرفت جلسة 16 ماي الجاري إعلان المتهمين في أحداث اكديم ازيك انسحابهم من الجلسة، كما قرر دفاع المتهمين الاجانب سحب إنابتهم عن المتهمين. وعلى إثر هذا الانسحاب، قررت المحكمة تعيين مجموعة من المحامين المغاربة للإنابة عن جميع المتهمين في إطار المساعدة القضائية، وفقا للمادة 423 من قانون المسطرة الجنائية (الفقرة ما قبل الاخيرة).