أصدرت حماس وثيقة مبادئ جديدة هي الثانية بعد وثيقة التأسيس سنة 1988، وهي التي تعترف فيها أول مرة بإسرائيل، مع مزيد من اللف والدوران حيث ورد في المادة 20 من الوثيقة "لا تنازلَ عن أيّ جزء من أرض فلسطين، مهما كانت الأسباب والظروف والضغوط، ومهما طال الاحتلال. وترفض حماس أي بديلٍ عن تحرير فلسطين تحريراً كاملاً، من نهرها إلى بحرها. ومع ذلك - وبما لا يعني إطلاقاً الاعتراف بالكيان الصهيوني، ولا التنازل عن أيٍّ من الحقوق الفلسطينية - فإن حماس تعتبر أن إقامة دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة، وعاصمتها القدس، على خطوط الرابع من يونيو 1967، مع عودة اللاجئين والنازحين إلى منازلهم التي أخرجوا منها، هي صيغة توافقية وطنية مشتركة". إقرار حماس بإقامة دولة على خطوط الرابع من يونيو هو اعتراف كامل الأركان بالكيان الصهيوني، ونهاية الأسطورة التي تمسكت بها، ومهما مارست من لف ودوران وتسطيح يمكن أن ينطلي على السذج فقط فإن الوثيقة تعلن نهاية حماس، التي تأسست في غزة وتدربت في معسكر الزبداني بسوريا، وميلاد حماس، التي عقد مؤتمرها بالدوحة عاصمة قطر وعاصمة "الربيع العربي" برسم التنازلات والتخريب.
والمثير في الوثيقة أن الاعتراف بإسرائيل جاء بعد كلام طويل عن فلسطين التاريخية، والحديث عن اعتبار إسرائيل مجرد دولة غاصبة، لكن في المادة 20 ظهرت الحقيقة، حيث تم التخلي عن شعارات زوال دولة الاحتلال والكيان الصهيوني، وبذلك تكون حماس قد تخلت عن كل شعاراتها وقبلت بممكنات الحل التي تبنتها منظمة التحرير الفلسطينية منذ سنة 1974 أي حل الدولتين.
لقد مارست حماس تضليلا خطيرا تمكنت من خلاله من شيطنة السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير، باعتبارها قد تخلت عن حقوق الشعب الفلسطيني، واليوم تعود لتبني شعارات المنظمة والسلطة مع مجرد اختلافات بسيطة في أدوات الإنجاز.
حزب العدالة والتنمية في المغرب يُعرف أعضاؤه بالمجاهدين بالمراسلة، حيث يساندون حركات التحرير بالشعارات فقط، نشر موقعه الرقمي موضوعا تحت عنوان "حماس ترفض أي بديل عن تحرير فلسطين تحريرا كاملا من نهرها إلى بحرها". وهذا تضليل خطير وكذب على القراء بالمغرب، لأن حماس تخلت عن هذا الشعار في المادة 20 من وثيقتها الجديدة.
وليست المرة الأولى التي يعلن فيها الإخوان المسلمون التخلي عن الشعارات القديمة حول تحرير فلسطين بكامل ترابها التاريخي، فقط سبق لمحمد مرسي، الرئيس المصري المعزول المنتمي لجماعة الإخوان، أن بعث برقية تهنئة إلى شيمون بيريس، رئيس إسرائيل، يهنئه فيها معربا له عن متمنياته بتحقيق التقدم والرفاه لشعبه، وكادت الجماعة تتنصل من الوثيقة غير أنها ممهورة بتوقيعه.
لقد اتضح اليوم أن تنظيم الإخوان المسلمين ليست لديه مشكلة مع إسرائيل، والكثير من مقاتلي أحرار الشام، وهو جناح مسلح لتنظيم الإخوان بسوريا، يتم علاجهم في المشافي الإسرائيلية بالجولان السوري المحتل. ولهذا تبقى الشعارات المرفوعة هي من أجل دغدغة عواطف المسلمين الذين يعتبرون قضية فلسطين قضيتهم المركزية.