انخرط المغرب خلال السنوات الأخيرة في استراتيجية للطاقات البديلة، وكله عزم على أن ينتقل من بلد يستورد كل احتياجاته من النفط والغاز إلى منتج كبير للطاقة المتجددة، مما جعل السياسة المغربية في المجال محط إعجاب العديد من مراكز التفكير والمؤسسات الإعلامية الأمريكية وكذا المنظمات الدولية، التي أجمعت على كونها أضحت مرجعا دوليا ونموذجا يحتذى. ويتوخى المغرب، من خلال استراتيجيته لتطوير الطاقة المتجددة، ضمان استقلاليته الطاقية نسبيا، والإسهام في تقليص الانبعاثات الغازية، وإنتاج طاقة متجددة تشكل مستقبل الاستهلاك البشري.
وفي هذا الصدد، أكد المركز الأمريكي بشأن السياسة الطاقية العالمية (سانتر أون غلوبال إنيرجي بوليسي)، التابع لجامعة كولومبيا، أن السياسة التي يعتمدها المغرب في مجال الطاقات المتجددة تعتبر "نموذجا" يحتذى بالنسبة للبلدان الأخرى، وخاصة الإفريقية.
وأوضح المركز الأمريكي، في برنامج إذاعي بث على موقعه الإلكتروني، أن المغرب يبرز اليوم كنموذج بالنسبة للبلدان الأخرى، وخاصة الإفريقية، لكونه يعمل على إدماج الطاقات المتجددة في سياساته واستراتيجياته للتنمية.
وأشار منشط البرنامج بيل لوفليس إلى أن المملكة، التي حققت تقدما "هائلا" في مجال الطاقات الخضراء منذ سنة 2009، رسمت أهدافا "طموحة" في مجال الطاقات النظيفة، مضيفا أن المنهجية المغربية بإمكانها إنارة الطريق بالنسبة إلى البلدان النامية.
كما لاحظ أن عددا متزايدا من الشركات والمقاولات الأجنبية أبدت اهتماما أكثر فأكثر بقطاع الطاقة في المغرب، البلد الذي يقوم بتطوير صناعته بدعم من العديد من الشركاء، مضيفا أن بعض هذه الشركات قامت بالاستثمار في الأنظمة والخدمات الطاقية.
ومن جهتها، اعتبرت مجموعة التفكير الأمريكية (دو سانتر فور أمريكن بروغريس) أن "الإنجازات" التي حققها المغرب في مجال الطاقة النظيفة جعلت المملكة "مرجعا" دوليا في مجال مكافحة الاحتباس الحراري.
وأبرز المركز الأمريكي، في مقال تحليلي من توقيع كل من بيت أوغدين، وغوين تراسكا، وبين بوفارنيك، أن "المغرب يتميز، في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (مينا)، بجهوده الرامية إلى تنويع قطاع الطاقة، بعيدا عن الوقود الأحفوري"، مشيرا إلى أن المملكة في الطريق نحو التقليص بنسبة 13 بالمئة من انبعاثات الغازات الدفيئة بحلول سنة 2030، وبلوغ 52 بالمئة من الطاقات المتجددة بحلول السنة ذاتها.
ولاحظ أن الطاقات المتجددة تمثل بالفعل ما يقارب 35 بالمئة من القدرة الحالية لتوليد الكهرباء في المغرب، مضيفا أن المملكة أطلقت مؤخرا محطة "نور 1"، الشطر الأول من مشروع الطاقة الشمسية "نور ورزازات"، الذي يعد أكبر مركب في العالم.
وأكد أنه بفضل هذا المشروع الكبير، سيكون بمقدور المغرب، ابتداء من سنة 2018، إنتاج 580 ميغاواط، وهو ما سيمكن من تزويد 1.1 مليون مغربي بالكهرباء، وتقليص انبعاثات الكربون ب760 ألف طن سنويا، مذكرين بأن شركة التدقيق المالي (إيرنست آند يونغ) وصفت المغرب بالبلد "الأكثر جاذبية" بمنطقة (مينا) للاستثمارات في قطاع الطاقات المتجددة.
في سياق متصل، ذكرت شبكة الأخبار الأمريكية (سي إن إن)، أن المغرب، الذي يقدم نموذجا يحتذى في مجال مكافحة تغير المناخ، يتجه بحزم نحو التنمية المستدامة.
وأوضحت القناة الأمريكية، في مقال تحليلي من توقيع جاكوبو بريسكون، نشر على موقعها الإلكتروني، أن "المغرب يتجه بقوة نحو التنمية المستدامة منذ اعتماد دستوره الجديد"، مشيرة إلى أن المملكة أصبحت نموذجا في مجال مكافحة تغير المناخ.
وتابعت (سي إن إن) أن المغرب أطلق برنامجا طموحا لتجهيز 600 مسجد بحلول سنة 2019، بعقود تأخذ الجانب الطاقي بعين الاعتبار، مشيرة إلى أن الفكرة بدأت سنة 2014 بهدف تقليص بنسبة 40 الفاتورة الطاقية ب 15 ألف مسجد في البلاد.
وأشار كاتب المقال، في هذا السياق، إلى أن "الهدف من هذا المشروع يكمن في التحسيس بأهمية الطاقة النظيفة، ونشر ثقافة الطاقات المتجددة بين عموم الناس."
وفي مقال آخر نشرته بموقعها الالكتروني من توقيع الصحافي أنمار فرانغول، أبرزت (سي إن بي سي)، أن المغرب، بفضل مركب الطاقة الشمسية "نور – ورزازات"، الأكبر من نوعه بالعالم، حجز مكانه في طليعة ثورة الطاقة الشمسية.
ولاحظت القناة، أنه من خلال مركب "نور – ورزازات"، يستخدم المغرب الطاقة الشمسية المركزة لإنتاج طاقة نظيفة، موضحة أن مستقبل الطاقات المتجددة يبدو "واعدا".
ويتكون مركب الطاقة الشمسية "نور - ورزازات"، الذي يمتد على مساحة 3000 هكتار، من أربع وحدات مركزية للطاقة الشمسية متعددة التكنولوجيات، تم تطويرها في احترام تام للمعايير الدولية، سواء على المستوى التكنولوجي أو البيئي، بالإضافة إلى أرضية للبحث والتطوير تمتد على مساحة 150 هكتار.
أما مجموعة البنك الدولي، فقد أكدت بدورها أن المغرب أصبح "نموذجا قويا" على مدى السنوات القليلة الماضية في مجال مكافحة التغيرات المناخية، مشيرة إلى أن المملكة انخرطت في سياسات واستثمارات ساهمت في دعم القدرة على الصمود، وتعزيز اقتصاد منخفض الانبعاثات الكربونية.
وسجلت المجموعة المالية الدولية، في مقال نشر على موقعها الإلكتروني من توقيع حافظ غانم، أن استضافة المغرب لقمة المناخ (كوب 22) دليل على الدور الذي تضطلع به البلدان متوسطة الدخل في التصدي لتغير المناخ، وعلى قدرتها على حشد المجتمع الدولي حول هذه المهمة الكبرى.