اعتبر خبراء مغاربة وأجانب، اليوم الجمعة بمدينة بطنجة، خلال ندوة موضوعاتية في إطار فعاليات الدورة التاسعة لمنتدى "ميدايز 2016 " المنظمة من طرف معهد أماديوس، أن موقع المغرب وخبراته ومقوماته السياسية والديموقراطية والبشرية والاقتصادية تعد مرجعا بارزا لتشكيل "نموذج إفريقي" قادر على مواجهة تحديات حاضر ومستقبل القارة. وأوضح الخبراء، من خلال مناقشة موضوع "رمز المغرب.. مقوم أساسي لإفريقيا"، أن "النموذج المغربي" يشكل علامة فارقة تعطي الصورة الحقيقية لمؤهلات إفريقيا البشرية والاقتصادية، كما أن هذا النموذج يمكن أيضا من "تسويق" علامة خاصة بإفريقيا، التي تتطلع الى فرض وتعزيز موقعها في الساحة الدولية، استنادا الى مقوماتها الخاصة التي تتفرد بها وتجعلها رمزا للمستقبل.
وأبرز المتدخلون أن المغرب في الوقت الحاضر يشكل أيضا "نموذجا بارزا" على العديد من دول القارة الافريقية أن تحذو حذوه لبناء الحاضر ودعم مرتكزات التحول الايجابي، وشق الطريق نحو مستقبل يتجاوب كليا مع تطلعاتها التنموية والسوسيو-اقتصادية ومع حاجياتها المجتمعية وقدراتها وكفاءات عنصرها البشري.
وأضافت المداخلات أن النموذج المغربي لا ينبني فقط على تجذر وحضور المغرب التاريخي ومقوماته الحضارية التي تعكس عراقة المملكة وأصالتها، وإنما يكتسب "تميزه" من مصداقيته السياسية وتجربته الديموقراطية واعتداله الديني وانفتاحه واستقراره وأمنه واجتهاداته المستمرة كفاعل دولي جيواستراتيجي لتحقيق السلام على صعيد الاقليمي والدولي، وانخراطه الكامل في محاربة ظواهر التطرف والتعصب والتمييز بكل أشكالها، وتشبثه بالحوار الحضاري وبالقيم الكونية والمبادئ الانسانية وقيم التعايش.
كما يكتسب المغرب تميزه ك"علامة إفريقية فارقة"، حسب المتدخلين، من جاذبيته الاقتصادية ومراهنته على الاقتصاد الاخضر وتعاطيه الحكيم مع الشأن البيئي كركيزة من ركائز التنمية المستدامة، وأسلوبه في تدبير الشأن التنموي، مبرزين أن المغرب يتميز في الوقت ذاته كمرجع في التعاون بين دول الجنوب لصناعة الحاضر والمستقبل، وتعميم خبراته المتراكمة مع الدول التي تتقاسم معه الانتماء الجغرافي، وحرصه الكبير على فتح باب التكوين امام العنصر البشري الافريقي، الذي يحتاج الى معارف جديدة ومتجددة تواكب التحولات الدولية.
وأكد المتدخلون أن المغرب، وبفضل حنكة وبعد نظر صاحب الجلالة الملك محمد السادس، جعل مسألة الانفتاح على عمقه الافريقي أولوية استراتيجية من أجل مصلحة إفريقيا وضمان التكامل الاقتصادي بين دولها، والدليل على ذلك الزيارات الهامة لجلالة الملك لعدد من الدول الإفريقية، ومساهمة كل القطاعات الحيوية في بلورة مشاريع رائدة على أرض الواقع، وكذا انخراط القطاعين العام والخاص في تنفيذ فلسفة المغرب الافريقية التي ستمكن القارة السمراء من جني ثمارها في المستقبل المنظور.
وخلص المتدخلون الى أن النموذج المغربي ك" مؤسس لعلامة إفريقيا متفردة" سيساعد القارة السمراء على تجاوز المعيقات والانكباب على قضايا التنمية بجهودها الخاصة، لاسيما وأن الحركة الاقتصادية والتطور التنموي على الصعيد الدولي يسير بوتيرة متسارعة تتطلب من إفريقيا انسجاما في الرؤى وتشبيك الجهود من أجل غد أفضل.
وشارك في تأطير هذه الندوة الموضوعاتية الفاعل الجمعوي والاقتصادي نور الدين عيوش والخبير الاقتصادي الدولي طوماس لاريتاز وممثل الخطوط الملكية المغربية عثمان بكاري والخبير الاقتصادي التهامي الغرفي.
وتشكل الدورة التاسعة لمنتدى ميدايز الدولي المنظمة تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، تحت شعار "من التجزيء إلى الإستدامة : ثورة في النماذج"، بشكل عام مناسبة لمناقشة نتائج أشغال مؤتمر "كوب 22"، والتوجهات الاقتصادية والطاقية التي يتعين نهجها، وآفاق تنمية افريقيا، وركائز التنمية البشرية والمستدامة، ممثلة في الصحة والتربية وانعدام المساواة القائمة على النوع والأمن الغذائي، وموضوع التهديدات الإرهابية وتعدد المخاطر الأمنية واصطدام الهويات في أوروبا وإفريقيا وفي العالم العربي.
وحسب المنظمين، فإن المنتدى يوفر أيضا أرضية للتداول والنقاش بين القطاعين العام والخاص، كما يرمي الى إطلاق قمة أولى للأعمال الهادفة إلى استقطاب أكبر عدد ممكن من رؤساء مقاولات المجموعات الكبرى المنحدرين من البلدان الصاعدة وكبار الفاعلين في القطاع المالي، إلى جانب مسؤولين سامين من القطاع العام على المستويين الافريقي والعالمي.