أمرت السلطات التركية باعتقال صحفيين كبار ورئيس تحرير صحيفة معارضة بارزة اليوم السبت وتقديمهم للمحاكمة في حين أثار اعتقال مزيد من المسؤولين المؤيدين للأكراد احتجاجات ضد توسيع حملة القمع في البلاد. وأطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه على حشد مؤلف من نحو ألف متظاهر في وسط اسطنبول كانوا يحاولون الوصول إلى مكاتب صحيفة جمهوريت العلمانية. واعتقل تسعة من صحفييها ومديريها التنفيذيين يوم الاثنين.
وقال ممثلو الادعاء في اسطنبول إن العاملين بصحيفة جمهوريت المحتجزين يشتبه في ارتكابهم جرائم لحساب المسلحين الأكراد وشبكة رجل الدين فتح الله كولن المقيم في الولاياتالمتحدة والذي تتهمه تركيا بتدبير محاولة الانقلاب.
واعتقلت السلطات أو أوقفت عن العمل أكثر من 110 آلاف مسؤول بينهم قضاة ومعلمون ورجال شرطة وموظفون مدنيون في أعقاب محاولة انقلاب فاشلة في يوليوز. ويقول منتقدو إردوغان إنه يستغل محاولة الانقلاب ذريعة لسحق المعارضة.
وقال كمال كيليجدار أوغلو زعيم حزب الشعب الجمهوري وهو حزب المعارضة الرئيسي في البلاد "المجتمع الدولي غاضب جدا. ماذا تحاول أن تفعل؟ هل تحاول تحويل تركيا لبلد كل من فيها في السجن؟... ماذا فعلت صحيفة جمهوريت؟ هل زرعت قنابل في مكان ما؟"
وعينت السلطات اليوم السبت رئيس بلدية جديد لبلدية شرناق في إطار حملة خلال الأسابيع القليلة الماضية لاستبدال المسؤولين الموالين للأكراد في جنوب شرق البلاد ذي الأغلبية الكردية.
وقتل انفجار قنبلة في إقليم شرناق اليوم السبت طفلين وأصاب أربعة وهو هجوم ألقى مكتب حاكم الإقليم بمسؤوليته على حزب العمال الكردستاني المحظور. وقال المكتب إن قنبلة أخرى انفجرت لاحقا في مقر البلدية قبل وصول رئيس البلدية الجديد مما أسفر عن إصابة فرد أمن واحد.
وأضاف المكتب أن 17 مسلحا من حزب العمال الكردستاني قتلوا في شرناق منذ أمس الجمعة.
وأمرت السلطات أمس الجمعة بسجن زعيمي حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد انتظارا لمحاكمتهما فيما اعتقلت آخرين.
ويتهم إردوغان وحزب العدالة والتنمية الحاكم حزب الشعوب الديمقراطي بأن له صلات بحزب العمال الكردستاني المحظور الذي شن تمردا عنيفا في جنوب شرق تركيا ذي الأغلبية الكردية على مدى ثلاثة عقود. *دعاية إرهابية
وينفي حزب الشعوب الديمقراطي أي صلات مباشرة بحزب العمال الكردستاني ويقول إنه يسعى لحل سلمي للصراع الكردي. ويقول الحزب إن إردوغان يستهدفه في مسعى لمساعدة حزب العدالة والتنمية الحاكم على إقرار تعديلات دستورية تمنح الرئيس مزيدا من الصلاحيات التنفيذية التي يسعى إليها منذ وقت طويل.
وقال رئيس الوزراء بن علي يلدريم إن نواب حزب الشعوب الديمقراطي اعتقلوا بعد رفضهم الإدلاء بشهاداتهم في تحقيق متعلق "بدعاية إرهابية".
وقال أحد نواب الحزب الذي اعتقل أمس الجمعة ثم أفرج عنه إن الحزب لا يعتزم التعاون.
ونقلت وكالة دوجان للأنباء عن سر ي سريا أوندر قوله "عليك أن تبقى منتظرا إذا توقعت أننا سنمد لك أعناقنا مثل الخراف للقصاب... لن نكون أدوات في يد إجراءاتك القانونية الزائفة."
وأثارت حملة القمع قلق الغرب.
وقال وزير العدل الألماني هيكو ماس إن أسلوب تعامل تركيا مع وسائل الإعلام "غير مقبول على الإطلاق" وقال لصحيفة دوناوكورير إن أنقرة تنتهك القيم الأساسية للاتحاد الأوروبي الذي تأمل في الانضمام إليه.
وقالت فيدريكا موجيريني مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي إنها "قلقة للغاية" من الاعتقالات وأثارت تلك المخاوف خلال محادثة هاتفية مع وزيري الخارجية وشؤون الاتحاد الأوروبي التركيين في وقت متأخر من مساء أمس الجمعة. وعبرت الولاياتالمتحدة عن "القلق العميق".
كما هزت أنباء الاعتقالات الأسواق المالية أيضا أمس الجمعة وسجلت الليرة التركية مستوى منخفضا قياسيا.
وبعد ساعات من اعتقالات أمس قتل انفجار سيارة ملغومة عشرة أشخاص وأصاب أكثر من مئة قرب مركز للشرطة في مدينة ديار بكر جنوب شرق البلاد التي اعتقل فيها بعض النواب.
وذكرت وكالة أعماق المرتبطة بتنظيم الدولة الإسلامية أن التنظيم المتشدد أعلن مسؤوليته في وقت لاحق عن الهجوم. لكن مكتب حاكم ديار بكر قال إن التفجير نفذه حزب العمال الكردستاني مستشهدا باتصالات بين مسلحين أكراد.
من جانب آخر قالت نقابة الصحفيين التركية في بيان احتجاجا على اعتقالات يوم الاثنين إن السلطات أغلقت 170 صحيفة ومجلة ومحطة تلفزيونية ووكالة أنباء مما تسبب في بطالة 2500 صحفي.
وصحيفة جمهوريت من وسائل الإعلام القليلة التي ما زالت تنتقد الرئيس رجب طيب إردوغان. وصدر بحق رئيس تحريرها السابق جان دوندار حكم بالسجن العام الماضي بتهمة نشره أسرار دولة متعلقة بدعم مقاتلي المعارضة في سوريا. وأفرج عنه فيما بعد في انتظار الاستئناف وهو حاليا خارج البلاد لتجنب اعتقاله.