تفاجأ الرأي العام المغربي وهو يتلقى رسائل غير ودية من بعض التجمعات السياسية في تونسوالجزائر، التي تدخلت بشكل سافر في شأن خاص يهم المغاربة وحدهم، ويتعلق الأمر بوفاة محسن فكري، بائع السمك بالحسيمة، الذي توفي في حادث مأساوي بحاوية للنفايات، وهي رسائل، أقل ما يقال عنها، أنها صادرة من أوباش ممتلئة صدورهم بالخبث والحقد الأعمى ضد بلد اسمه المغرب. شرذمة "التوانسا" والدزايريين" الذين أرادوا أن يقدموا الدروس من خلال رسائلهم الماكرة يجهلون أن المغرب في سنوات الرصاص كان أحسن منهم حالا مقارنة مع ما هم عليه اليوم، وأن المغرب سبقهم بسنوات ضوئية في مجالات التنمية وحقوق الإنسان، وقبل استقلال الجزائر أصدر المغرب ظهير الحريات العامة، ويوم كانت تونس يحكمها الجينرال بنعلي ويحصي أنفاس التوانسة كان المغاربة ينعمون بالحرية، وكان المعارضون يصدحون بأفكارهم في مواجهة الملك الراحل الحسن الثاني ويكتبون الافتتاحيات الهجومية وينظمون المظاهرات ويشنون الإضرابات.
الغريب أن الجبهة الشعبية التونسية أصدرت بيانا حول وفاة محسن فكري بائع السمك بالحسيمة. واعتبرت الجبهة، التي تضم بعض الأحزاب اليسارية بتونس، ما وقع لفكري "جريمة نكراء ذهب ضحيتها أحد أبناء الشعب الكادح في المغرب، بعدما طحنته شاحنة النفايات بأمر من عون الأمن"، بحسب الجبهة التي "قدمت تعازيها إلى عائلة الشهيد والقوى العاملة والتقدمية بالمغرب".
وعبّرت هذه الجبهة عن "تضامنها مع الشعب المغربي والقوى التقدمية السياسية والاجتماعية في نضالها من أجل وضع حد للنظام الاستبدادي وإرساء حياة ديمقراطية سليمة، تحترم فيها كرامة الإنسان المغربي".
لو لم نكن نعرف اليسار التونسي لصدقناهم القول، ولكنه يسار كان يركع أمام الجينرال بنعلي ويتآمر معه ضد الخصوم السياسيين..
ما لا يريد اليسار التونسي الاعتراف به هو أن المغرب في ثمانينات القرن المنصرم كما هو الشأن الآن، أحسن حالا من تونس في 2016 ولا مجال للمقارنة مع دستور 2011 والحريات التي يعيشها المغاربة، حيث التوانسة البؤساء تحت رعب الإسلاميين ولا يرفعون صوتا.
وفي الضفة المجاورة كتب موقع تابع للمخابرات الجزائرية "ألجريا نيوز"، تحت عنوان :محسن فكري الحوات المطحون الذي يهدد العرش، "من طنجة إلى خريبقة، ومن فاس إلى مكناس مرورا بالدار البيضاء ومراكش ووصولا إلى الرباط كان المشهد واحدا في مختلف المدن المغربية التي عاشت أعنف المظاهرات الشعبية وسط هواجس مخزنية بعودة رياح الثورات العربية على الطريقة البوعزيزية إلى مملكة تتوفر على بذور ثورة شعبية عارمة على خلفية الموت طحنا لصائد السمك محسن فكري داخل شاحنة قمامة".
صحافة المخابرات الجزائرية تقرأ الدمياطي وتتنبأ بما لا تدل عليه الوقائع والمعطيات، حيث كان خروج المغاربة في مسيرات سلمية دليل عافية الديمقراطية المغربية وانتصارها للحقوق التي نص عليها الدستور، الذي صاغه الشعب المغربي من خلال الأحزاب والجمعيات، بينما ما زالت الجزائر وبعد أكثر من نصف قرن من الاستقلال تحت هيمنة الحزب الوحيد والجنيرالات.
الصحفي المخبر يقول إن المغرب تتوفر فيه كل مقومات الثورة. هذا ما يصفه المثل العربي القائل "رمت بدائها وانسلت". كيف يكون المغرب قابلا للثورة وفيه انتخابات حرة ونزيهة وفيه تقدم اقتصادي واجتماعي وتكون الجزائر هادئة وفيه العسكر يحكم والاقتصاد منهار والنفط والغاز مسروق من قبل المافيات؟