لم يجد أحمد أويحيى، رئيس ديوان رئاسة الجمهورية الجزائرية والأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي، من شيء يقدمه للمواطنين بمدينة تلمسان سوى العزف على وتر المؤامرة الخارجية من خلال اتهام المغرب بالوقوف وراء حركة الاستقلال الذاتي لمنطقة القبائل.. "صاحب المهمات القذرة"، كما يسمى في الجارة الشرقية، عاد مرّة أخرى لدغدغة عواطف الجزائريين وتأليبهم ضد المغرب، عبر الإدعاء بأن المغرب هو الذي يقف وراء نشأة الحركة المطالبة باستقلال ذاتي لمنطقة القبايل، وذلك خلال تجمع خطابي نظمه حزب التجمع الوطني الديمقراطي يوم 22 اكتوبر الجاري بتلمسان استعدادا لانتخابات التشريعية المزمع تنظيمها السنة المقبلة..
ولم يقدم أويحيى، ابن منطقة القبايل الصغرى، أي دليل على ما يدعيه باستثناء عبارات الحقد الدفينة ضد المغرب ووحدته الترابية، وهي عبارات الف الجزائريون سماعها من فم "صاحب المهمات الوسخة" الذي أصبح اسمه مقترنا بالدفاع عن نظام العسكر منذ أن ذاق طعم ريع النفط والغاز بعد رئاسته للحكومة نهاية القرن المنصرم وتحوله إلى شبيه ب"محام الشيطان"، كما يقول الفرنسيون، وانبطاحه امام عصبة الرئيس بوتفليقة صاحب الرباعيات الرئاسية، الذي لا قربه غليه وحوّله إلى عصا يهش بها أبناء القبائل ليتحول إلى مثال حيّ وساطع للشخص الذي ينفي هويته ويكره بني جلدته من القبايل..
"صاحب المهمات القذرة"، نسي أو تناسى، ان حركة الاستقلال الذاتي لمنطقة القبائل، التي ترفع مطالب ذات طابع انفصالي بمسقط رأسه، والتي اسفرت عن حكومة في المنفى يرأسها المغني والناشط فرحات مهني اضحت تكتسح مساحات جديدة يوما بعد يوم، في منطقة يتفق كل المراقبين على أنها منطقة مهمشة من طرف نظام العسكر في الجزائر، على جميع المستويات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والهوياتية..وهي حركة ما كانت لتلقى كل هذه الاستجابة الواسعة من طرف ابناء المنطقة لولا هذا الوضع الذي يعانون منه ولولا ما يجابهون به من قمع وقتل كلما رفعوا حناجرهم للمطالبة بحقوقهم المشروعة، التي اغتُصبت منذ سُرق الاستقلال من آبائهم الذين ضحوا بالغالي والنفيس من أجل الجزائر لكي يأتي في يوم من الأيام، احمد أويحيى، خريج مدرسة بوخروبة (هواري بومدين)، ويصفهم بالانفصاليين وأعداء الوطن..
كما نسي "صاحب المهمات القذرة"، ان الحركة من أجل تقرير المصير في منطقة القبايل تأسست عام 2002 ، في عزّ الربيع الاسود(أو "تافسوت تابركانت" كما يسميها الأمازيغ) الذي هزّ المنطقة بعد مقتل التلميذ ماسينيسا كرماح داخل مقر للدرك، وهي أحداث تؤكد بالملموس أن أبناء المنطقة عازمون على انتزاع حقوقهم رغما عن أنف الطغمة العسكرية وكل الموالين لها والمستفيذين من ريعها، كما هو الشأن بالنسبة لأحمد أويحيى الذي يكرهه جميع أبناء منطقة القبايل ويعتبرونه نموذجا للخونة الذين باعوا القضية التي استشهد من أجلها آلاف الجزائريين..