صادق مجلس المستشارين بالإجماع ، يوم أمس الثلاثاء 21 يونيو 2016، على مقترح قانون يتعلق بكراء العقارات أو المحلات المخصصة للاستعمال التجاري أو الصناعي او الحرفي، تقدم به الفريق الاشتراكي بمجلس النواب. وتتلخص الخطوط العريضة لهذا المقترح الذي تعثر مساره التشريعي منذ سنة 2008، في التأكيد على أن العنصر الرئيسي للحماية القانونية موضوع الكراء التجاري هو بدون منازع وجود أصل تجاري يستغل في المحل أو العقار موضوع عقد الكراء، والتوسيع من نطاق تطبيق القانون ليشمل كذلك مؤسسات التعليم الخصوصي والمصحات والصيدليات ومختبرات التحليل وعيادات الفحص بالأشعة.
كما نص المقترح على استثناء بعض الفئات من العقود من ميدان تطبيق هذا القانون كعقود كراء العقارات والمحلات المتواجدة بالفضاءات المخصصة لاستقبال مشاريع المقاولات التي تمارس نشاطها بقطاعي الصناعة وتكنولوجيا المعلومات، وكذا جميع الخدمات ذات الصلة، بالإضافة إلى عقود كراء المحلات المستغلة داخل المراكز التجارية الكبرى في غياب ما يثبت استئثارها بزبائن يقصدونها بصفة خاصة وما يثبت توفرها على تدبير مستقل بها، مع الإشارة إلى أن هذا الفئة من المحلات ستكون موضوع قانون خاص بها تسهر على إعداده وزارة العدل والحريات بتنسيق مع وزارة الصناعة والتجارة والاقتصاد الرقمي.
ونص مقترح القانون على إلزامية الكتابة بمحرر ثابت التاريخ بالنسبة لعقود كراء المحلات المخصصة للاستعمال التجاري أو الصناعي او الحرفي، انسجاما مع المادة 3 من القانون رقم 67.12 المتعلق بتنظيم العلاقات التعاقدية بين المكري والمكتري للمحلات المعدة للسكنى أو للاستعمال المهني، وتبسيط المساطر وإجراءات التقاضي في حالة الإفراغ من خلال إنقاص شكليات ومضمون الإنذار بالإفراغ وحذف مؤسسة قاضي الصلح التي كانت تشكل إجراءا يهدد المكتري، وخلق نوع من الانسجام والتوازن بين الآجال المسطرية المحددة في هذا القانون.
وأقر النص مسطرة خاصة باسترجاع المحلات المهجورة والتنصيص على مسطرة استعجالية للإفراغ للتماطل في أداء الكراء في حالة تضمين عقد الكراء لشرط فاسخ، ونص على الحسم في مسألة الاختصاص النوعي التي لطالما أربكت المحاكم وذلك بالتنصيص على اختصاص المحاكم التجارية بالنظر في النزاعات المتعلقة بتطبيق القانون مع إسناد الاختصاص للمحاكم الابتدائية طبقا للقانون المتعلق بالتنظيم القضائي للمملكة، والإحالة على القواعد العامة بالنسبة للعقود التي لا تستجيب لشروط التطبيق المنصوص عليها في هذا القانون رفعا للبس الذي يثار بهذا الشأن.
ويأتي مقترح القانون هذا بلاغ لوزارة العدل، استجابة لمطالب مختلف الأوساط سواء التجار او الملاكين العقاريين أو رجال القانون التي ما فتئت تنادي بضرورة إعادة النظر بطريقة شمولية في الإطار القانوني المنظم لعقود كراء العقارات المخصصة للاستعمال التجاري والحرفي والصناعي ويتعلق الأمر بالظهير الشريف المؤرخ في 24 ماي 1955 الذي يعود لفترة الحماية والذي أفرزت الممارسة التعاقدية بخصوصه وكذا الأحكام القضائية الصادرة بشأن المنازعات المقدمة أمام المحاكم طيلة الستين (60) سنة عديدا من الإشكالات والنواقص.
وكان القاسم المشترك بين هذه الإشكالات، يضيف ذات المصدر، هو عدم مواكبة النص القانوني للمستجدات السوسيو اقتصادية والطفرة النوعية التي شهدها المغرب الحديث، ولا سيما على مستوى تعبئة العقارات للاستثمار وخلق نوع من التوازن بين الملاك العقاريين من جهة و أرباب المقاولات، ومن جهة أخرى وأيضا تبسيط مساطر المنازعات أمام المحاكم والتي يجمع المختصون على تعقدها وطول أمدها وهو ما من شانه ضياع الحقوق داخل متاهات المساطر المختلفة.
كما يأتي هذا المقترح اعتبارا لكون تدبير كراء المحلات المخصصة للاستعمال التجاري أو الصناعي أو الحرفي يحتاج إلى إطار قانوني منسجم مع طبيعة العقود المنظمة لعملية الاستغلال، ومع الحقوق التي يكتسبها المكتري، وما يترتب عن ذلك من تحملات لفائدة المكري.