أعلن المكتب الاتحادي لمكافحة الجريمة في ألمانيا (BKA)، أمس الأربعاء (11 مايو)، عن وجود مئات الأدلة، التي تشير إلى أن عناصر من تنظيم "داعش" الإرهابي دخلوا إلى البلاد بصفة لاجئين؛ مؤكدا أنه بصدد إجراء تحقيقات رسمية في أربعين حالة. وأوضح الBKA في تصريح لصحيفة "نويه أوسنابروكر تسايتونغ" الألمانية، بأن هناك نحو 370 مؤشراً على وجود إرهابيين من "داعش"، تسللوا إلى ألمانيا بين صفوف اللاجئين، الذين تجاوز عددهم حاجز مليون لاجئ، وصل معظمهم في عام 2015.
ويمثل ذلك زيادة حادة في عدد التحذيرات التي تلقتها الشرطة الألمانية في أوائل يناير من هذا العام، والتي بلغ عددها 213 تحذيرا، إضافة إلى إجرائها 18 تحقيقا.
في هذا الشأن، قال رئيس الBKA هانس-جورج ماسين في مؤتمر صحافي: "لا أفشي سراً إذا قلت إنني أشعر بالقلق إزاء ارتفاع أعداد المهاجرين الذين لا نعرف هويتهم على وجه اليقين، بسبب دخولهم بجوازات سفر غير صالحة."
يشار إلى أن 60 في المائة من الوافدين الجدد في الأشهر الأخيرة، وصلوا إلى ألمانيا من دون جوازات سفر أو هويات شخصية.
من جانبها، قالت المتحدثة باسم الBKA: "يمتلك المسؤولون الأمنيون في ألمانيا مؤشرات تشير إلى أن أعضاء وأنصار المنظمات الإرهابية يتم تهريبهم مع اللاجئين بطريقة هادفة ومنظمة من أجل شن هجمات في ألمانيا."
وبحسب صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، فإن الهجمات الإرهابية الأخيرة في باريس وبروكسل، والتي شارك فيها إرهابيون ادعوا أنهم لاجئون، زادت من مخاوف الألمان على نطاق واسع بسبب الهجرة غير الخاضعة للرقابة.
فعلى سبيل المثال، هناك أدلة دامغة على أن الإرهابي صالح عبد السلام، أحد منفذي هجمات باريس والذي يُعتقد أنه المشتبه به الوحيد الذي بقي على قيد الحياة، جاء إلى مدينة أولم الألمانية الجنوبية في أكتوبر من العام الماضي، لمرافقة ثلاثة مسلحين مجهولين دخلوا إلى أوروبا مع اللاجئين وذهب بهم إلى فرنسا.
لذلك، تُظهر استطلاعات الرأي أن مخاوف الألمان تتزايد من احتمال حدوث هجوم إرهابي كبير قد تخطط لها خلايا نائمة، دخلت إلى البلاد بفضل سياسة الباب المفتوح للاجئين التي تبنتها المستشارة أنغيلا ميركل سابقاً.
في هذا الصدد، أكَّد فولغانغ بوسباخ، النائب البرلماني والخبير في الشؤون الأمنية الداخلية لدى "الحزب المسيحي الديمقراطي" (CDU)، أن الخطر الإرهابي "كبير وكبير جدا".
في المقابل، أعرب المتحدث باسم"حزب اليسار" المؤيد لسياسة الباب المفتوح للاجئين، عن مخاوفه من أن تجرَّ احتمالية وجود عناصر تابعين لتنظيم "داعش" بين اللاجئين من سوريا والعراق، اللاجئين إلى دائرة الاتهام الجماعي ووضعهم جميعا في خانة الإرهاب.
هذا، ويأتي توقيت هذه التقارير في حين تعاني المستشارة ميركل هبوطا حادا في شعبيتها. ففي استطلاع أجرته مؤسسة "أنسا" لاستطلاعات الرأي بطلب من مجلة "سيسيرو" الألمانية هذا الأسبوع، أعرب الشعب الألماني عن معارضته الكبيرة لبقاء المستشارة الألمانية في منصبها لولاية رابعة. ووفقاً لهذا الاستطلاع، فإن 64% من الألمان يعارضون انتخاب ميركل في ولاية رابعة، في انتخابات العام المقبل، وذلك مؤشر على أن تعاملها السابق مع أزمة اللاجئين لا يزال يؤثر على شعبيتها ويهدد مستقبلها السياسي.
وقال رئيس تحرير مجلة "سيسيرو" كريستوف شفينيكي لوكالة رويترز: "يُظهر هذا أن الألمان ضاقوا ذرعا على نحو متزايد بميركل، التي تستمر في السلطة منذ 11 عاما". وأضاف أن تعاملها مع أزمة اللاجئين يمثل عاملا مهما أيضا.
وكانت ميركل قد قررت الإبقاء على حدود ألمانيا مفتوحة أمام مئات ألوف اللاجئين من دول مزقتها الحرب، مثل سوريا والعراق وأفغانستان.