قال المدير العام لوكالة الإنعاش والتنمية الاقتصادية والاجتماعية لعمالات وأقاليم الجهة الشرقية بالمملكة، محمد المباركي،إن التعايش بالمغرب ليس نظرية وإنما هو ممارسة وواقع، وذلك بفضل الإسلام الوسطي المعتدل والمتسامح، والتعايش بين مختلف الثقافات والحضارات الذي تدعو إليه المملكة. وأوضح المباركي، على هامش منتدى "الثقافة، الهوية والتنمية البشرية" بإشبيلية (23-24 فبراير) ،الذي نظمته مؤسسة الثقافات الثلاث للبحر الأبيض المتوسط بشراكة مع الوزارة المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة، أن "المملكة قطعت أشواطا مهمة على هذا الدرب مع دستور 2011، الذي أكد أن المغرب موحد بانصهار كل مكوناته، العربية الإسلامية، والأمازيغية، والصحراوية الحسانية، والغنية بروافدها الإفريقية والأندلسية والعبرية والمتوسطية".
وأضاف، في هذا الصدد، أن وكالة الإنعاش والتنمية الاقتصادية والاجتماعية لعمالات وأقاليم الجهة الشرقية بالمملكة تولي اهتماما خاصا لموضوع تدبير التنوع الثقافي باعتباره أحد مفاتيح الديمقراطية والتسامح والإنصات للآخر، مشيرا إلى أنها تدخلت في هذا السياق من خلال مجموعة من المشاريع رامت الحفاظ على تنوع وثراء التراث التاريخي والحضاري لمدينتي دبدو وفكيك.
وتابع المباركي أن الوكالة نشرت في هذا الصدد كتابا بعنوان "ذاكرة يهود المغرب الشرقي" الذي يوثق بالصور والوثائق التاريخية للتراث الثقافي ليهود شرق المغرب، مشيرا فيما يتعلق بفكيك، إلى أن الوكالة نظمت ندوة بباريس مكنت من إدراج هذه الواحة ضمن قائمة اليونيسكو الأولية للتراث العالمي، وإلى أنه يجري تجميع الدراسات اللازمة لذلك.
يشار إلى أن منتدى "الثقافة، الهوية والتنمية البشرية" بإشبيلية (23-24 فبراير) ركز على العلاقة والتفاعل في المجال الثقافي بين إسبانيا والأندلس والبلدان المغاربية، لاسيما المغرب، كفضاء مادي يجسد بوابة البحر الأبيض المتوسط، ومكان متميز بغناه الثقافي والتراثي، وكذا تفاعله على مدى قرون عديدة من التاريخ المشترك.
وتضمن برنامج هذا المنتدى المتوسطي ندوتين ركزت الأولى على "القيم المشتركة لبناء التعايش والتعاون على أساس احترام التنوع"، فيما همت الثانية "التنوع الثقافي مصدر الثروة والتنمية الاجتماعية"، وتناول المشاركون، من خلالهما، قضايا من قبيل "المناهج العملية لتدبير التنوع"، و"التعاون الثقافي باعتباره عاملا للتفاهم".
كما ناقش المشاركون في هذا المنتدى مواضيع مثل "دور الجامعات في دمقرطة الثقافة والولوج إلى مجتمع المعرفة"، و"تعزيز التراث ودور السياحة الثقافية"، و"المراكز التاريخية الأندلسية والمدن العتيقة نموذجا حيا للتعايش"، إلى جانب استكشاف مشاريع تخص مجالات التعزيز والتعريف والتكوين المرتبطة بحقل التراث الثقافي.
واشتمل برنامج المنتدى، أيضا، على أمسيتين للموسيقى الأندلسية، وذلك في إشارة للتعابير الفنية التي تجمع بين ضفتي حوض المتوسط، ركزت الأولى على شخصية الملك الشاعر المعتمد بن عباد، فيما سيحيي الثانية فنانون مغاربيون سيقدمون نوبة الموسيقي الأندلسية التي تلتقي فيها المدارس الموسيقية التاريخية الثلاث للأندلس.