زعم عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية ورئيس الحكومة، أن الشعب يحبه، وهي ثقة في النفس زائدة لأن معرفة حب الشعب لمسؤول تكون بعد طول أمد، وهو زمن غير متوفر لرئيس حكومة محكوم بعامل الزمن، يمكن أن يصوت له الناخبون مرة ثانية، ويمكن أن يسقطوه شر سقطة، فمنطق السياسي، الطالع النازل، ليس هو حب الشعب له أو كرهه وإنما البرنامج السياسي الذي يطبق ويمكن أن يرضي فئات كثيرة من المجتمع ويمكن أن يغضب فئات أخرى، ويتعامل بمنطق الأغلبية والمعارضة لا بمنطق امتلاك قلوب الشعب التي تحبه.
وقد وقعت في الآونة الأخيرة أحداثا بينت أن هذا الزعم (حب الشعب لبنكيران) غير صحيح، وقبل ذلك نشير إلى أن الحب يتعلق بالدائم لا بالزائل، ورئاسة الحكومة زائلة يتولاها حزب وينزل ليتولاها حزب آخر وبالتالي هي لا تتعلق بالحب والكره ولكن تتعلق بالنجاح والفشل.
وللتعبير عن موقفهم من بنكيران اتخذ بعض المغاربة أشكالا كثيرة منها الاحتجاج والإضراب والاعتراض على قرارات اتخذها، ويبقى حب الشعب لبنكيران في كفة الميزان الصاعدة بالنظر للشعارات التي رفعتها النقابات خلال الاحتفال بعيد العمال الأممي، يوم فاتح ماي، ووصلت بعض الشعارات حد التطرف، ولا يمكن أن ينكر بنكيران أن النقابات التي خرجت ضده تضم مئات الآلاف من المناضلين، وهم بالنتيجة جزء من الشعب الذي ادعى بنكيران أنه يحبه، وتتجاوز أعداد المنخرطين في النقابات التي عارضت بنكيران.
الأعداد التي صوتت له دون أن نذكر بضعة ملايين من المواطنين صوتت لغيره وهي جزء من الشعب ولو كانت تحبه لصوتت له.
غير أن بعض أشكال التعبير ذهبت بعيدا في رسم صورة متخيلة لبنكيران، صورة هي عبارة عن بورتريه يلخص التاريخ والجغرافية والواقع، صورة تحتوي على مقررات من التاريخ أصبحت في حكم المشهور وجزءا من جغرافية الوطن المختلف عن الذي يريده بنكيران والواقع المرير الذي لا يطلب كلاما وإنما يطلب منجزات وبرامج.
ففي فاتح ماي رفع متظاهرون صورة لبنكيران ب"عين واحدة" و"العين الأخرى "مغطاة على شكل قرصان، وفي ذلك دلالة على أن بنكيران ينظر بعين واحدة، بدل أن يفتح كل عيونه ، ولذلك جاءت برامجه خادمة لحركته وحزبه ولم تأت بشيء يحلحل الأزمة التي يعيشها المغاربة.
ومن التعريفات التي أطلقوها عليه أنه مشرد العاطلين ومجوع العاملين، وهو ما يعني أن برنامجه قد انتهى.
هذا جزء من الشعب المنتمي للمغرب الذي لا يعرفه بنكيران وهو المغرب الذي لا يحب الكلام وإنما يعشق الأفعال الغائبة لحد الساعة عن حكومة بنكيران.