أدى أمير المؤمنين، صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، اليوم، صلاة الجمعة ب"مسجد الفردوس" بالدار البيضاء. وذكر الخطيب، في مستهل خطبتي الجمعة، أن الدين الإسلامي الحنيف دين العدل والصلاح، والفوز والفلاح، لأنه دين رباني المصدر، شمولي الدعوة، عالمي الرسالة، وصالح لكل زمان ومكان، مبرزا أن القرآن الكريم أشار في قوله تعالى "كنتم خير أمة أخرجت للناس تامرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتومنون بالله" إلى منطلقات ومبادئ الإصلاح العام الشامل للمجتمع، مما يجعل هذه الأمة فعلا خير أمة أخرجت للناس، فهي مأمورة بالأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وبالإيمان بالله عز وجل، وفي ذلك بيان واضح لوجه وصفها بالخير.
وأضاف أن جملة (الأمر بالمعروف) عنوان أخاذ يجذب إليه القلوب والنفوس، وهو يشمل كل ما جاء به الشرع، ودعا إليه من صالح الأقوال والأفعال، وأمر به من فرائض العبادات والمعاملات، ورغب فيه من السنن والمستحبات، ونوافل الخير والإحسان والقربات، التي تحقق للمسلم سعادته وصلاحه في الدنيا والآخرة.
وأما المنكر، يشير الخطيب، فهو كل قول بذيء، أو عمل قبيح حرمه الشرع الحكيم وأنكره هذا الدين الحنيف، وأمرنا بتركه واجتنابه، ونهانا عن ارتكابه والوقوع فيه.
وشدد على أن الفهم الصحيح للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، يتجلى في مستويين: مستوى الفرد حيث ينبغي أن يأمر كل شخص، رجلا كان أو امرأة، نفسه بالمعروف وينهاها عن المنكر، ومستوى الجماعة حيث يكون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو جلب المصالح ودفع المفاسد، ويتولاه ولي الأمر أمير المؤمنين، رئيس الدولة، ويعينه عليه العلماء وكل المسؤولين على اختلاف درجاتهم ومهامهم.
ويكون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، يضيف الخطيب، منظما ومضبوطا بالقوانين التي جاء بها الشرع أو وضعتها مؤسسات الأمة، وهذا يعني أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو في مستوى الجماعة لا يجوز أن يستغل للفوضى والفتنة، إذ هو مبدأ نبيل وضعه القرآن الكريم بشروط لخير أمة.
كما أكد الخطيب أنه من بين العدد المتواصل من مشاريع الخير والنفع التي يطلقها مولانا أمير المؤمنين في مختلف ربوع المملكة، تدشين مدرسة كبرى للتكوين في صناعات البناء تم فتحها أول أمس، معتبرا أن هذا المشروع هو من صميم الدين، لأنه يمكن من مواجهة أمور من أسباب ضعف المؤمن، وهي الجهل والبطالة والحاجة.
وأشار إلى أنه إذا ضعف المؤمن بآفة من هذه الآفات ضعف الدين، لأن قوة الدين من قوة المتدينين، أما محاربة الجهل فتدخل فيها محاربة التعلمات التي لا تفيد لا في دفع الاحتياج، ولا في التصدي للبطالة والكسل، وهو ما تõقóوøöمõه توجيهات أمير المؤمنين، حفظه الله، القاضيةõ بتوجيه أكبر عدد ممكن من الشباب نحو الصناعات اليدوية، المقرونة بالمعارف الضرورية في إطار التكوين المهني.
ومن خلال أمثال هذا المشروع، يؤكد الخطيب، يجد المغاربة وسيلة لإظهار مواهبهم في الصناعات التي يعترف لهم العالم بالمهارة فيها، مع الإبداع والمحافظة على معالم الثقافة الفنية التي أسهموا بها، لاسيما في حضارة الإسلام.
وذكر بأن المغاربة لم يكونوا بطالين ولا كسالى، حيث كان بعض العلماء يفضلون العيش من حرفة اليد، وكانت تقاليد أئمة المساجد الاشتغال ببعض الصناعات، في أوقات ما بين واجباتهم المتعددة في ممارسة الإمامة، مستهدين في ذلك بالتوجيه النبوي الكريم.
وفي الختام تضرع الخطيب وجموع المصلين إلى الله تعالى بأن ينصر أمير المؤمنين، حامي حمى الملة والدين، صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصرا عزيزا يعز به الدين، ويجمع به كلمة المسلمين، وأن يقر عين جلالته بولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير مولاي الحسن، ويشد عضده بشقيقه صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، وسائر أفراد الأسرة الملكية الشريفة.
كما تضرع إلى العلي القدير بأن يتغمد برحمته الواسعة الملكين المجاهدين، جلالة المغفور لهما محمد الخامس والحسن الثاني ويطيب ثراهما ويكرم مثواهما.