توفي امس الأربعاء 11 أبريل الجاري، أحمد بن بلة أول رئيس للجزائر المستقلة (1962- 1965) بمقر سكناه عن عمر يناهز 96 سنة حسب وكالة الانباء الجزائرية. وأضافت الوكالة أن الراحل بن بلة تدهورت حالته الصحية في الأونة الأخيرة حيث أدخل في شهر فبراير الماضي مرتين إلى المستشفي العسكري "محمد الصغير نقاش" بعين النعجة.
وولد أحمد بن بلة٬ الذي يعد من أبرز الوجوه السياسية الجزائرية٬ في مدينة مغنية قرب الحدود مع المغرب (غرب الجزائر) في 25 دجنبر 1916 ٬وكان أحد المؤسسين البارزين لحزب جبهة التحرير الوطني وتولى منصب رئيس الجمهورية من سنة 1963 إلى 1965 حين انقلب عليه الرئيس الراحل هواري بومدين.
وارتبطت حياة بن بلة بالكفاح ضد المستعمر الفرنسي٬ إذ تأثر كثيرا بأحداث 8 ماي 1945 التي قتل خلالها مئات الجزائريين على يد الجيش الفرنسي٬ ما جعله يدخل النضال السياسي وينضم إلى حزب الشعب الجزائري ثم بعد ذلك إلى حركة انتصار الديمقراطية٬ قبل أن ينتخب مستشارا لبلدية مغنية٬ مسقط رأسه٬ في سنة 1947.
وأنشأ منظمة خاصة مهمتها مهاجمة بعض المواقع الفرنسية في الغرب الجزائري حيث نفذ أول عمل عسكري في وهران حين قام بمهاجمة مركز بريد وهران في 1949بمساعدة من حسين أيت أحمد ورابح بيطاط اللذان يعدان شخصيتين وطنيتين بارزتين إبان الكفاح ضد المستعمر الفرنسي.
وفي سنة 1950٬ ألقت السلطات العسكرية الفرنسية القبض على الرئيس الجزائري الأول وسجنته لمدة سنتين بالعاصمة قبل أن تحكم عليه مجددا بالسجن سبع سنوات٬ غير أنه نجح في الفرار من السجن سنة 1952 والتحق بالقاهرة حيث كان يتواجد زعيمان جزائريان هما حسين أيت أحمد ومحمد خيضر في الوفد الخارجي لجبهة التحرير الوطني.
كما تعرض الراحل للسجن مرة أخرى سنة 1956 خلال عملية القرصنة الجوية التي نفذها الطيران العسكري الفرنسي ضد الطائرة التي كانت تنقله من المغرب إلى تونس برفقة قادة آخرين لجبهة التحرير الوطني ليستمر اعتقاله إلى سنة 1962 وهي السنة التي حصلت فيها الجزائر على الاستقلال.
وبعد مغادرته السجن٬ شارك في مؤتمر طرابلس بليبيا الذي تمخض عنه خلاف سياسي بينه وبين الحكومة الموقتة للجمهورية الجزائرية بشأن النظام السياسي الذي ينبغي أن تتبعه الجزائر بعد الاستقلال.
وفي سنة 1963 انتخب أحمد بن بلة أول رئيس للجمهورية الجزائرية وحكم البلاد سنتين٬ لغاية العام 1965 حيث انقلب عليه الرئيس هواري بومدين الذي كان يترأس المجلس العسكري.
وشكلت هذه السنة بداية لفترة دامت 15 سنة قضاها بالسجن٬ إلى أن توفي هواري بومدين سنة 1978 ووصل الشاذلي بن جديد إلى سدة الحكم٬ فأطلق سراحه في 1980 وهاجر إلى فرنسا حيث أنشأ حزبا سياسيا تحت مسمى "الحركة الديمقراطية الجزائرية".
وبعد أحداث أكتوبر 1988٬ التي ذهب ضحيتها أكثر من 200 قتيلا٬ عاد بن بلة إلى الجزائر في ظل أجواء الانفتاح السياسي الذي عرفته الجزائر في تلك الفترة والذي سمح بإنشاء أحزاب سياسية معارضة ووسائل إعلام خاصة.
وعلى الرغم من أن حزب أحمد بن بلة لم يحقق أي نجاح يذكر أثناء الانتخابات التشريعية الملغاة٬ التي جرت في 26 دجنبر 1991٬ فقد اعترض على الغاء الانتخابات التشريعية وطالب بالعودة إلى المسار الانتخابي٬ معتبرا المجلس الأعلى للدولة (رئاسة جماعية) الذي تم تشكيله بعد الغاء الانتخابات واقالة الشاذلي بن جديد "سلطة غير شرعية".
واضطلع بن بلة بأدوار هامة في تاريخ الجزائر قبل الاستقلال وبعده٬ ويعد٬ من أبرز الوجوه السياسية الجزائرية٬ لكن مرضه أبعده عن الحياة السياسية في السنوات الأخيرة٬ قبل أن يتم الإعلان عن وفاته اليوم بعد صراع طويل مع المرض.