تمكن حزب العدالة والتنمية من العودة بقوة الى المشهد السياسي في تركيا ليحكم منفردا، بعد فوزه بأغلبية مريحة في الانتخابات السابقة لاوانها التي جرت أمس الأحد، والثأر لعدم تمكنه من الفوز بالأغلبية المطلقة خلال انتخابات يونيو الماضي التي دخلت عقبها البلاد في خمسة أشهر من عدم الاستقرار الاقتصادي والسياسي. وبعد فرز 45ر99 في المائة من الاصوات حصل حزب العدالة والتنمية على 316 مقعدا من أصل 550، ونسبة تصويت بلغت 41ر49 في المائة.
وبالنسبة لحزب العدالة والتنمية الذي بنى شعبيته على أدائه الاقتصادي الجيد خلال 13 سنة قضاها على رأس السلطة في تركيا منذ العام 2002، فإن نتائج هذه الانتخابات العامة الثانية في البلاد في أقل من ستة أشهر تعد بمثابة "استفتاء على شعبيته أكثر منها اختيار الأفضل بين الاحزاب السياسية في البلاد".
وبهذه النتيجة يقترب الحزب من تحقيق أفضل نتيجة سبق ان حصل عليها في اقتراع 2011 ب 83ر49 في المائة من الاصوات و327 مقعدا.
وازداد عدد المصوتين على الحزب بأربعة ملايين منتقلا من 1ر19 مليون في يونيو الماضي إلى 093ر23 مليون خلال انتخابات الأحد، كما ازداد عدد نوابه ب 58 نائبا.
وكذبت نتائج الاقتراع كل التخمينات واستطلاعات الرأي التي كانت تمنحه ما بين 40 و43 في المائة من نوايا التصويت، وخريطة سياسية بدون تغيير كبير عن النتائج المحققة في يونيو الماضي.
واعتبر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وهو من مؤسسي الحزب وقاد البلاد لأطول فترة زمنية بعد مؤسس تركيا الحديثة كمال أتاتورك "إن الاتراك صوتوا من اجل الاستقرار" في إشارة الى استئناف التوتر بين الحكومة ومقاتلي حزب العمال الكردستاني وتفجير أنقرة الذي خلف 102 قتيلا ونسب لتنظيم الدولة الاسلامية، ثم الضبابية التي أصبح عليها المشهد السياسي وبالخصوص الاقتصادي عقب عدم التوصل لتشكيل حكومة ائتلافية بعد انتخابات يونيو الماضي.
غير أن نتيجة الاقتراع لن تجعل ممكنا تحقيق حلم أروغان بتغيير النظام السياسي في البلاد من برلماني الى رئاسي وهو الطموح الذي لا يخفيه إذ من أجل ذلك يتعين توفر العدالة والتنمية على أغلبية الثلثين، أو ثلاثة أخماس النواب من أجل أن يتقدم بمفرده بمشروع استفتاء بشأن الموضوع.
ومستفيدا من دروس انتخابات يونيو الماضي وعدم إحرازه الأغلبية المطلقة لاول مرة في 13 سنة راجع حزب العالة والتنمية طموحاته ولم يعد يطالب سوى بالاغلبية المطلقة للحكم بمفرده وضمان الاستقرار السياسي والاقتصادي المنشود في البلاد.
وخرج الرئيس أردوغان عن حياده الدستوري باعتباره رئيسا ذا صلاحيات رمزية ليتدخل في المشهد السياسي، وصرح غير ما مرة أنه ليس أمام تركيا وقت لاضاعته بهدف منح فرصة للاستقرار، ولم ينفك يدعو الناخبين الى منح 400 مقعد للحزب "الذي يقف وراء ذلك وتعرفونه" في إشارة للعدالة والتنمية.
وأضاف أردوغان "يوم 2 نوفمبر سنحترم مجتمعين نتيجة صناديق الاقتراع كيفما كانت وسنمتثل للارادة الشعبية"، غير أنه شدد على ضرورة أن "يعمل الشعب على تعزيز المكتسبات التي تحققت خلال السنوات ال 13 الاخيرة من حيث الاستقرار والديمقراطية".
وفي السياق ذاته حرص رئيس العدالة والتنمية والوزير الاول أحمد داود أوغلو على مناشدة الناخبين عدم تركه وليمة لباقي الاحزاب السياسية الاخرى للدخول في مفاوضات لتشكيل الحكومة.
وأضاف قائلا لا نريد أن تعيد تركيا سيناريوهات سنوات التسعينات والتي قادت خلالها تحالفات حزبية عديدة الواحد تلو الآخر البلد نحو أزمات اقتصادية حادة في العام 2001.
وقال أوغلو أمام حشد من أنصاره أمام منزله في مدينة كونيا بوسط الاناضول معقل للحزب الحاكم "اليوم هو نصر لديمقراطيتنا وشعبنا.. ونأمل أن نخدمكم جيدا على مدى السنوات الأربع القادمة وأن نقف أمامكم مرة ثانية عام 2019."