أفادت مصادر صحفية، اليوم السبت، أن رأي هيئة المحكمة الدستورية في بروكسيل، استقر على سحب الجنسية البلجيكية عن المغربية مليكة العرود، التي اتهمت في مرات عديدة بمساندتها الفصائل الإسلامية المتشددة التي تقاتل في أفغانستان وسوريا والعراق. ووفق الإدعاء البلجيكي، تقول صحيفة "la libre.be" التي أوردت الخبر، فإن مليكة العرود، أخلت بواجباتها كمواطنة بلجيكية، مع العلم أنها ترملت خلال زيجتين بعدما قضى الزوجان اللذان ارتبطت بكل واحد منهما على التوالي خلال مواجهات مسلحة خاضاها إلى جانب تنظيم القاعدة.
وتقدم دفاع مليكة العرود، تضيف ذات المصادر، بطعن لدى المحكمة الدستورية بخصوص قرار السلطات البلجيكية حرمانها من الجنسية التي التي تتمتع بها على مدى سنوات طويلة.
وأيدت المحكمة الدستورية قرار السلطات البلجيكية مشيرة إلى أن الأمر لا يتعلق بتمييز كما أفاد دفاع مليكة العرود بقدر ما هو جزاء للمخلين بالواجبات الوطنية المترتبة على حاملي الجنسية البلجيكية.
وكانت مليكة العرود قد حوكمت في وقت سابق ببلجيكا بثمان سنوات سجنا نافذا بسبب اتهامها بتهجير شباب إلى أفغانستان للقتال في صفوف القاعدة تحت قيادة زعيمها أسامة بن لادن.
يشار إلى أن الزوج الاول لمليكة العرود كان قد فجر نفسه خلال العملية التي أودت بحياة زعيم حلف الشمال الأفغاني أحمد شاه مسعود، يومان فقط قبل تفجيرات 11 شتنبر 2001 في الولاياتالمتحدةالأمريكية، بينما قضى زوجها الثاني الذي ارتبطت به بعد ذلك في قصف جوي سنة 2012 بأفغانستان.
قبل أن تعتقل ضمن مجموعة من 14 شخصا في بروكسل في ديسمبر 2008، كانت مليكة العرود أو "أم عبيدة" وهو اسمها المستعار الذي تكتب به على الإنترنت بنقابها، تستعين بجهاز كومبيوتر شخصي تدير من خلاله موقعا إلكترونيا يبث بيانات تنظيم "القاعدة" وفروعه حول العالم.
وكانت مليكة تعمل من منزلها دون كثير من الجلبة، إلا أن ما كانت تبثه على الإنترنت من خلال موقعها الخاص، وهو الدعوة ل"الجهاد" في أفغانستان والعراق والجزائر ولبنان لفت إليها انتباه أجهزة الاستخبارات الأوروبية من بلجيكا إلى هولندا إلى سويسرا، وجعلها وجه القاعدة النسائي في أوروبا. فقد ذاع صيت مليكة عن طريق موقعها الإلكتروني، بعدما أصبح ملتقى الجهاديين من مختلف أرجاء العالم.
وكان النائب العام البلجيكي أصدر مذكرة توقيف بحق ستة أشخاص على خلفية الشبهة بانتمائهم إلى تنظيم "القاعدة"، ونية أحدهم القيام بعملية انتحارية، ومن بين الأشخاص الذين صدرت بحقهم مذكرة التوقيف، وجميعهم بين 20 إلى 30 عاما، مليكة العرود، 56 عاما، وهي أرملة عبد الستار دحمان، الذي شارك في تنفيذ عملية اغتيال، القائد العسكري الأفغاني السابق، أحمد شاه مسعود عام 2001.
ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي تعتقل فيها مليكة، التي تتحدث الفرنسية بطلاقة إلى جانب العربية، وكانت معروفة قبل تحجبها بحبها للملابس الأنيقة وملامح وجهها الناعمة، فقد سبق أن اعتقلتها السلطات البلجيكية في ديسمبر من عام 2007، لمدة يوم واحد وأطلقت سراحها، على خلفية الاشتباه في محاولة تهريب لاعب الكرة التونسي السابق نزار الطرابلسي، الذي تم حبسه، لإدانته في قضية ذات صلة بالإرهاب، وكانت مليكة تعيش في حي أندرلخت وترتدي النقاب.
قصة حياة مليكة وتأثيرها على تجنيد الشباب من أصول مسلمة في أوروبا كان السبب الأساسي لاعتقالها. فمليكة نفسها لم تكن يوما متطرفة بشكل واضح، وبالتالي يشكل تحولها بهذه الطريقة مصدرا للقلق وأيضا للدراسة.
ولدت مليكة لأسرة مغربية، وكانت تعيش في بروكسل في مناخ منفتح، إلا أنها لم تكن لامعة في الدراسة، مما اضطر والدها إلى اتخاذ قرار توقفها عن الدراسة في مرحلة معينة. وكان نادرا ما يسمح لها بالخروج مع أصدقائها، لكن لاحقا وبعدما كبرت قليلا وبدأت تخرج مع أخيها، بدأت تتعرف على حياة الليل في بروكسل.
تعرفت مليكة على عالم الكحوليات والمخدرات. وتقول مليكة نفسها في لقاء سابق مع شبكة "سي إن إن" الإخبارية الأميركية، إنها بعد فترة من الانغماس في الحياة المادية اللاهية والسهر والمخدرات، بدأت تشعر بالضيق والاشمئزاز من سلوكها. وفي إحدى الليالي عندما كانت في غرفتها وكانت ضجرة، قررت أن تستمع إلى الراديو، وفيما كانت تتنقل بين المحطات سمعت القرآن الكريم، فتوقفت وشعرت براحة كبيرة وبدأت تستمع.
وكانت هذه بداية التغيير في حياة مليكة، فبعد فترة قصيرة قررت أن تلتزم دينيا وأن تلبس الحجاب، ثم بدأت تتردد على مركز إسلامي في بروكسل كان يقوم في الحقيقة بنشاطات لتجنيد مسلمين للذهاب إلى أفغانستان وأماكن أخرى لشن عمليات ضد أميركا والغرب.
لم تكن مليكة تعرف إلى أين سيأخذها المركز ولا على من سيعرفها. لكنها هناك تعرفت على شيخ يدعى عياش بسام، فانجذبت إلى أوساط المتشددين وباتت وجها دائما من وجوه المركز الإسلامي البلجيكي. وهناك تعرفت على عبد الستار دحمان، البلجيكي من أصل جزائري. وفي التاسع من أبريل 1999 تزوجت مليكة من دحمان، وقام الشيخ بسام بعقد قرانهما، وأصبحت زوجة مطيعة لا تفارق دارها إلا بموافقة زوجها.