ينبني السلوك السياسي عند الزعماء على الخطاب والممارسة، ومن خلال المفردات التي يستعملونها يتم معرفة شخصياتهم، وتطبيقا لمنهج قراءة السلوك السياسي على حميد شباط، الأمين العام لحزب الاستقلال، يتبين أن الرجل غير سوي على مستوى الشخصية، فالسلوك السياسي الذي يسمح بالمناورة في إطار العمل الحزبي لا يسمح باتخاذ قرارات جزافية وغير محسوبة العواقب، أوالتي قد تؤثر ليس على الحزب وحده وإنما على جمهور المرتبطين بالعملية السياسية وخصوصا الهيئة الناخبة. أولى معالم السلوك المضطرب التخندق هنا وهناك، في الوسط وفي اليمين واليسار، دون مبررات مقنعة. ويظهر أن شباط يتخذ مواقفه انطلاقا من حسابات شخصية مصلحية ضيقة، فأولا كان الحزب في الحكومة وكان حينها عضوا في اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال، وجاءت الحكومة على غير هواه ولم تلب رغباته، وكانت لدى شباط طموحات لتنصيب مقربين منه في مناصب وزارية، ولهذا كان أول قرار اتخذه عندما انتخب أمينا عاما هو الخروج من الحكومة.
وثاني معالم السلوك المضطرب لهذا الشخص عدم قدرة الرجل على تنفيذ التزاماته تجاه نفسه وليس تجاه الآخرين، فحميد شباط كان ينبغي أن يكون اليوم خارج قيادة حزب الاستقلال، وقوانين الحزب كفيلة بضمان تسيير سلس حتى انعقاد مؤتمر استثنائي، فشباط وعد جموع مناضلي حزب الإستقلال وملايين المغاربة في برنامج حواري مباشر بالاستقالة، واليوم بعد أن انهزم شر هزيمة في معقله بفاس كان عليه أن يفي بوعده ويقدم استقالته "والراجل هو الكلمة"، لكن شباط شرع في مناورة أخرى عندما سرب إنه سيعرض استقالته على المجلس الوطني، الذي أغلبيته موالية له وبالتالي سيعود من النافذة. شباط ينبغي أن يقدم استقالته ليس فقط لأنه وعد المغاربة بذلك، ووعد الحر دين كما قالت العرب قديما، ولكن أيضا لأنه اتخذ قرارات صبيانية لا تمت نهائيا وبتاتا لحزب عريق في مستوى حزب علال الفاسي.
فعلى شباط أن يستفيق من أحلام اليقظة التي أصابته بمجرد تذوقه لحليب السباع، وعليه أن يعرف أن المغرب تغير كثيرا، وأن إحراق فاس في سنة 1991 الذي حوله من لا شيء إلى زعيم نقابي بدل دخوله السجن لم تعد تجدي. فالمغرب اليوم هو مغرب الديمقراطية، الذي قطع مع عهد تدخل الإدارة في الانتخابات، فلن يطمع شباط في يوم من الأيام بأن تتدخل وزارة الداخلية لتعيده عمدة على فاس، وإذا أراد ذلك فما عليه سوى التشمير على ساعد الجد والعمل.
كان بإمكان حزب الاستقلال، المنبثق من الحركة الوطنية والذي ما زالت نخب كثيرة تثق في اختياراته، أن يتبوأ مكانة جيدة وربما الأولى في الانتخابات الجماعية لو لم يكن على رأسه أمين عام مثل حميد شباط، الذي كان هدفه الوحيد هو طرد أطر الحزب والتمسك بمجموعة من الأتباع التي لا تناقش الزعيم.
أما ثالث معالم السلوك المضطرب لشباط هو أن اليوم يرتمي كالطفل الصغير في أحضان من كان يسميهم بالأمس أتباع داعش، فهو اليوم يترجى الأزمي أن يقبله في حضيرته بعد أن قال فيه ما لم يقله مالك في الخمر. فما الذي تغير؟ هل تغير حزب العدالة والتنمية أم أن شباط لا يقر على حال؟
بالله عليكم هل يرقى شباط لمواقف أمناء وحكماء حزب كان قويا في عهد أسياده ا علال الفاسي وامحمد بوستة وحتى عباس الفاسي الذي قاد الحزب في أحلك الفترات ونجا به من أزمات كثيرة؟ كيف لمسؤول في مستواه أن يتخذ من الإبتزاز السياسي طريقة لحل مشكل فشله في انتخابه رئيسا لجهة فاس؟