كتاب "باريسالجزائر...قصة عاطفية"، هو ثمرة تحقيق طويل أجراه كريستوف دوبوا وماري كريستين تابيت، صحافيان فرنسيان بالقناة الأولى ولوجورنال دو ديمانش، وهو كتاب حول العلاقات الجزائرية الفرنسية. وتمثل الصفحة 297 أخطر الاعترافات، التي لا يريد كثيرون معرفتها، والتي تتحدث عن الربح الفاحش لرجال السياسة الجزائريين، وتتحدث عن عشرات الصراعات بعد القضية الصحية والسياسية لبوتفليقة. إنها قصة دخان في الضفة الأخرى من المتوسط في الأحياء الباريسية الراقية والشعبية. قضية دولة فاشلة وغير قادرة على التواصل مع شعبها إلا عبر منع المعلومات. مسؤولون غير قادرين على التعبير، وغير قادرين على الاستقالة لا يمكن إلا أن يكونوا بعيدين عن الشرف والعزة والكرامة.
الكتاب الذي صدر منتصف الشهر المنصرم نُشرت مقتطفات منه في مواقع إلكترونية، وركز، اعتمادا على اعترافات موثقة، على أملاك بعض المسؤولين الجزائريين، وفي هذا الإطار، يشير الكتاب إلى وزير الصناعة الحالي عبد السلام بوشوارب الذي ضبط في 26 يونيو 2006، متوجها إلى مكتب توثيق يقع بشارع سان جرمان بباريس، لتوقيع عقد شراء عقارين بمساحة 156 متر مربع بقيمة 1.18 مليون أورو، منها 580 ألف أورو دفعت نقدا، فيما سدد المبلغ المتبقى، وهو 600 ألف أورو، في شكل سلفة مؤقتة بعد سنة.
ويتناول الكتاب أيضا أملاك الوزير السابق للصناعة والسياحة الأسبق، شريف رحماني، فقد أشار إلى أنه جار قديم لبوشوارب في باريس، ويمتلك شقة فاخرة في الدائرة 16 بالعاصمة الفرنسية. وعلى شاكلة جاره، لا تشير سيرة رحماني الذاتية إلى أي مصدر للأموال التي أنفقها على شراء تلك الشقة بأحد أرقى شوارع باريس.
ومن المقتطفات المثيرة التي نشرها موقع "كل شيء عن الجزائر"، ما تناوله الكتاب من صلة عبد المومن رفيق خليفة، المتابع في قضية فساد، بالرئيس بوتفليقة. واستنادا إلى شهادة إطار سابق في مجمع خليفة، فإنه في بداية سنة 2000، اقترح بوتفليقة على عبد المومن إنشاء قناة تلفزيونية بشراكة مع فرنسيين اختارتهم السلطة الجزائرية. الطلب الرئاسي تم التكفل به على الفور، مشيرا إلى أن الفكرة بهرت عبد المومن خليفة، إلا أن هذا الأخير التف على الفكرة الرئاسية وأطلق قناة "كا تي في"، التي جعلها سلاحا سياسيا ضد الرئيس بوتفليقة، ومساندا لرئيس حكومته الأسبق، علي بن فليس، منافس بوتفليقة في انتخابات 2004. وحسب مقربين منه، كان خليفة يرى نفسه في منصب رئيس الحكومة.
وخصص الكتاب حيزا للفريق محمد مدين، المعروف باسم الجنرال توفيق، 78 سنة، مدير الاستعلامات والأمن. ويتحدث الكتاب باستفاضة عن المؤسسة العسكرية الجزائرية، مشيرا إلى أن المخابرات العسكرية التي تتبع وزارة الدفاع الوطني، تملك هامشا كبيرا في التأثير على عملية اتخاذ القرار في البلاد. ويذكر الكتاب أنه لا توجد أي مؤسسة أو جريدة أو نقابة، تستطيع الإفلات من رقابة المخابرات، التي صنفها في خانة الشرطة السياسية التي تتولى تنفيذ العمليات القذرة.
ويروي مؤلفا الكتاب كيف ساءت العلاقة بين بوتفليقة ونظيره الفرنسي، بعد أن سعى وزير الداخلية كلود غيان مقابلة الجنرال توفيق، مستغلا زيارة في إطار التعاون الثنائي. وفي هذا الصدد، يذكر الكتاب أن الرئيس بوتفليقة رفض استقبال كلود غيان، وأنه قام بتبليغه ذلك بعبارة "لقد اخترت معسكرك"، في إشارة إلى الجنرال توفيق، الذي كان يلتقي به بمناسبة زياراته إلى فرنسا إبان تولي كلود غيان منصب أمين عام الرئاسة الفرنسية. كما كان ساركوزي يصر على لقاء الجنرال توفيق، لما كان وزيرا للداخلية، خلال زياراته للجزائر.