أبرز جمعويون وباحثون، خلال مائدة مستديرة نظمت امس الخميس بالرباط حول موضوع "وسائل الإعلام وأسئلة الديمقراطية في المغرب في ضوء الاستحقاقات الانتخابية المقبلة"، الدور الذي تضطلع به وسائل الإعلام في بلورة وتكوين الرأي العام وكذا المهام التي يتعين على الصحافة القيام بها خلال تغطيتها للانتخابات في المغرب.. وفي هذا الاطار أشارت خديجة الصبار، الناشطة بالجمعية الديمقراطية لنساء المغرب ومستشارة جماعية سابقة باسم الاتحاد الاشتراكي، استنادا الى دراسة قامت بها الجمعية، أن وسائل الاعلام بالمغرب لا تتوفر على استراتيجية بشأن التعاطي مع الشأن الانتخابي. وأبرزت الصبار، خلال جوابها على اسئلة خالد ادنون مسير هذه الندوة التي نُظمت من طرف جمعية خريجي المعهد العالي للإعلام والاتصال ومعهد التنوع الإعلامي، أن معالجة الصحافة لبعض القضايا والظواهر كالاستحقاقات الانتخابية لا تساهم في ادماج النوع الاجتماعي وتعزيز الديمقراطية وإرساء المساواة، ولا تساهم في تكوين الرأي العام الوطني.
وأضافت المتدخلة أن مسؤوليات جسيمة عدة ملقاة على عاتق الصحافيين حاليا، خصوصا على مستوى العمل على تغيير الذهنيات والصور النمطية الخاصة بقضايا النساء والديمقراطية والمساواة، مشيرة إلى ان الاعلام يكتسي اهمية بالغة في العصر الحالي ويضطلع بأدوار بالغة في تشكيل الرأي العام وتغيير المجتمع وتطويره.
من جانبه اعتبر محمد الساسي، أستاذ باحث بكلية الحقوق-جامعة محمد الخامس- أكدال وعضو الحزب الاشتراكي الموحد، في معرض حديثه عن تعاطي المقاولات الصحافية المستقلة مع الاستحقاقات الانتخابية، أن المنابر الصحافية المستقلة المكتوبة تركز على العيوب الانتخابية وتعممها، وتلعب ادوار ايجابية حينما تحول الحياة الحزبية الى حياة عامة وعكس ما يجري بالكيانات الحزبية وإتاحة الفرصة لظهور وجوه ونخب جديدة، محذرا من ظاهرة "تسويد الصورة وتضخم الخطاب النقدي" ببعض هذه المنابر.
وقال إن المرحلة الأولى في حياة الإعلام المكتوب تعود لما قبل تسعينيات القرن الماضي، مضيفا أن الصحافة الحزبية كانت في هذه المرحلة بمثابة العمود الفقري للقطاع. وأبرز أن السمات الرئيسية لهذه المرحلة كانت تتمثل في تغليب المعايير النضالية على المعايير المهنية وغياب منطق المقاولة والعلاقة الأجرية ووجود نوع من اقتسام الفضاء الاعلامي حيث كانت المعارضة تسيطر على الصحافة المكتوبة.
وأضاف الساسي أن المرحلة الثانية تلت الأولى مباشرة، موضحا أنها تميزت بثلاث سمات هي "ازدهار ما يسمى بالصحافة المستقلة" و"التراجع المريع للصحافة الحزبية" وظهور مقاولات صحافية مع تقنين العلاقات الأجرية بالمقاولة.
إلى ذلك اعتبر مصطفى العراقي، الصحافي بجريدة الاتحاد الاشتراكي وعضو المجلس الوطني لحقوق الانسان، أن الاستحقاقات الانتخاببية القادمة ذات أهمية بالغة بحكم تنظيمها في إطار دستور 2011، وفي ظل سياق دينامية جديدة ومكثفة يعرفها المجتمع المدني بالمغرب "الذي يشهد لأول مرة مرافعات ومذكرات وتحاليل بشأن النصوص القانونية المؤطرة للانتخابات".
وفي خضم المناقشة وتدخلات الحاضرين تم التركيز على إشكالية الاختلالات التي تعرفها الصحافة المكتوبة خاصة تلك التي يصطلح عليها بالمستقلة او الخاصة، من خلال انتشار ظاهرة القذف والسب وما اشطلح عليه احد المتدخلين ب"البلطجة" وهي ظواهر تتنافى مع اخلاقيات الصحافة والمبادئ المهنية التي تحكم هذا المجال، كما تم التطرق إلى مدى مشروعية الدعم العمومي الذي تستفيذ منه الصحف الخاصة ودور الصحافة الالكترونية في المجتمع وكذا الاطار التشريعي والقانوني الذي يؤطر المجال من خلال تصليط بعض الضوء على مشروع مدونة الصحافة والنشر..
كما تمت الاشارة إلى نقطة شكلية، إلا انها تصب في جوهر الادوار المنوطة بالاعلام في المجتمع خاصة فيما يتعلق بنقطة تتعلق الخلفية الايديولوجية للصحفي وعلاقتها بالمهنية، ويتعلق الامر بالاختيارات السياسية إذا صح التعبير لضيوف هذه المائدة المستديرة، حيث لوحظ ان كل هؤلاء ينتمون إلى تجربة الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وإن تفرقت ببعضهم السبل حاليا، وهو ما انتبه إليه في آخر الندوة مصطفى العراقي وطالب باستدراكه مستقبلا...