غدت ظاهرة "أشبال الخلافة الإسلامية " كابوسا مزعجا دفع المنظمات الحقوقية إلى دق ناقوس الخطر، بعد أن ركز تنظيم "داعش" جهوده على تجنيد الأطفال كما الشباب وزجهم في معسكرات "تدريب الأشبال". وباشر التنظيم في استخدام الأطفال بتدريبهم على القتال واستعمال مختلف الأسلحة، وتكرر في الفترة الماضية ظهور تسجيلات فيديو تظهر عمليات إعدام لأسرى "داعش"، آخرها فيديو نشره تنظيم "الدولة الإسلامية" الثلاثاء 10 مارس يظهر فيه إعدام عربي إسرئيلي على يد طفل، بتهمة التجسس لصالح الاستخبارات الإسرائيلية.
ويظهرالتسجيل طفلا في لباس عسكري يطلق الرصاص على رأس الرجل ويرديه قتيلا. هذه الحادثة سبقتها حادثة إعدام أخرى وقعت في يناير تظهر طفلا لا يتجاوز العاشرة من العمر يطلق النار من المسدس على رجلين متهمين بالتجسس لصالح المخابرات الروسية.
تعددت التسجيلات لكن المشهد اللاإنساني أضحى شبحا مخيفا بالنسبة للمنظمات الحقوقية والدولية من تجنيد الأطفال من قبل مجموعات مسلحة.
شجب وتنديد دولي
وتعالت الأصوات الحقوقية والدولية منددة بجرائم "داعش" ضد الإنسانية والطفولة من كل صوب، بعدما أصبح الإنترنت مسرحا لفصول دموية تستيقظ عليها الوكالات الإخبارية ويتررد صداها لدى الجميع.
من ناحيتها، أوضحت منظمة الأممالمتحدة المعنية بالطفولة "اليونيسيف" أن ازدياد أعداد المجموعات المسلحة عرض الأطفال لخطر التجنيد بشكل أكبر مؤكدة توثيقها حالات في العراقوسوريا لتجنيد أطفال بعمر 12 عاما.
وتحدث تقرير لجنة حقوق الطفل التابعة للأمم المتحدة عن استخدام التنظيم عادة لأطفال دون ال 18 من العمر في سورياوالعراق كمهاجمين انتحاريين أو صناع قنابل أو دروع بشرية ضد هجمات يتعرض لها من قبل قوات التحالف.
وذكرت الخبيرة في لجنة حقوق الإنسان ريناتي وينتر من جنيف أن اللجنة تملك تقارير عن أطفال خاصة ممن يعانون من إعاقة ذهنية، يجري استخدامهم كمهاجمين.
وحذرت المنظمة الدولية من ظهور جيل جديد من الإسلاميين المتشددين، يجري تدريبهم حاليا في سورياوالعراق، مضيفة أن "داعش" يمارس انتهاكات مرعبة بحق الأطفال وخاصة أطفال الأقليات.
وزارت لجنة تحقيق خاصة من منظمة الأممالمتحدة، العراق، ووثقت جرائم "داعش" وانتهاكاته لحقوق الإنسان، وستعرض هذه اللجنة تقريرها النهائي على مجلس حقوق الإنسان في نهاية مارس ، حسبما صرح به نشطاء عراقيون.
فيما اعتبرت ممثلة "اليونيسف" والأممالمتحدة الخاصة المعنية بالأطفال والنزاعات المسلحة أن ارتفاع حدة النزاعات وانتشارها يعرض الأطفال بشكل متزايد لخطر التجنيد والاستخدام من قبل المجموعات المسلحة في سورياوالعراق.
ففي سوريا مثلا، جند مالا يقل عن 800 طفل دون سن ال18 من قبل تنظيم "داعش"، حسب تقرير صدر عن اللجنة السورية لحقوق الإنسان في غشت 2014.
وأشار التقرير إلى أن تنظيم "داعش" اعتمد على أساليب تحريضية لجذب الأطفال بعد أن وفر لهم أنشطة ترفيهية وأجواء خاصة بالمراهقين، غالبا ما تفتقد في بلدان كسوريا بسبب النزاع الدائر، حسب نفس المصدر.
ويرى مراقبون أن تنظيم "داعش" يقوم بأكبر عملية غسيل دماغ للأطفال في المناطق التي يسيطر عليها من خلال تربيتهم على التطرف والعنف منذ الصغر، بسبب انقطاعهم عن الدراسة لسبب أو آخر.
تعليم خاص لدى "داعش"
ويثبت التنظيم دعائم سيطرته مرة أخرى، باستحداث نظام تعليمي يتماهى مع رؤيته الدينية، فمنذ ظهور "داعش"، أظهر التنظيم اهتمامه بالمدارس حيث كانت هدفا محوريا منذ فرض سيطرته على المناطق، وهذه الخطوات الاستباقية توجت بنشر مناهج تعليمية خاصة به، قام التنظيم بنشرها على حساباته الشخصية بالإنترنت، ليبرهن مرة أخرى أن أشبال العراقوسوريا هم الضحايا الجدد ل"داعش".
وتداولت مواقع تابعة للتنظيم، ما يسمى ب"ديوان التعليم في دولة الخلافة الإسلامية" ينص على إلغاء عدد من المواد الدراسية في سوريا، كالتربية الموسيقية والتاريخ والتربية الإسلامية، إلى جانب فرض وحذف واستبدال عدد من المفاهيم والأمور التي تتعارض مع منهجه.
فما يعاينه الأطفال من مجازر يومية في العراقوسوريا، من قتل وذبح وجلد وغيرها من أعمال التنظيم ال"مازوخية"، يتربى عليها جيل جديد على خلفية صور الدم والعنف، ما يسهل أجندات التنظيم أثناء عملية تجنيده للأطفال.