أكد يوسف العمراني، مكلف بمهمة بالديوان الملكي، أمس الخميس بمقر اليونسكو بباريس ، أن المغرب تعامل بشكل مسؤول، من خلال التوفر على ترسانة قانونية ، ونهج سياسة في مجال الهجرة ذات طابع إنساني في فلسفتها، تستجيب لمقاربة شمولية تعالج مختلف جوانب هذه الظاهرة. وشدد العمراني الذي كان يتحدث خلال حلقة نقاش بعنوان " الحروب والهجرات: حوض البحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط" ، على الأهمية التي تكتسيها هذه القضية، مبرزا أنه يتعين اعتبارها فرصة وليست عبئا على كافة البلدان المعنية بالهجرة، سواء البلدان المصدرة للهجرة أو بلدان العبور أو الاستقبال، وذلك خاصة بفضل "مسلسل الرباط" لسنة 2006 ، الذي تم بحضور خمسين دولة .
وذكر الوزير المنتدب السابق في الشؤون الخارجية بأن صاحب الجلالة الملك محمد السادس كان قد أعطى توجيهاته السامية من أجل وضع مخطط عمل تنفيذي للحكومة، في أقرب الآجال، بهدف إرساء سياسة وطنية جديدة في مجال الهجرة ذات طابع إنساني في فلسفتها ، وتكون شاملة في مضمونها ، ومسؤولة في نهجها ورائدة على الصعيد الإقليمي.
وقدم العمراني، في تدخله، الإجراءات التي دخلت حيز التنفيذ في إطار السياسة الجديدة للهجرة التي أقرها جلالة الملك ، وهي الإجراءات التي مكنت على الخصوص من تسهيل اندماج المهاجرين الشرعيين، وتأهيل الإطار القانوني الوطني، وتدبير تدفقات الهجرة في احترام لحقوق الإنسان، وطبقا لروح الاتفاقيات الدولية المصادق عليها من قبل المملكة ، وانسجاما مع الدستور الجديد.
يذكر أن صاحب الجلالة الملك محمد السادس كان وراء مبادرة " التحالف حول الهجرة والتنمية" الذي يشجع على حماية الحقوق الأساسية للمهاجرين واللاجئين والنهوض بها، وتوطيد التآزر بين الهجرة والتنمية على أساس المسؤولية المشتركة، وتعزيز التعاون بين الدول في الفضاء الأورو- إفريقي.
وخلص العمراني إلى التأكيد على أن المملكة تدرج سياستها، وفقا لإرادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، في إطار مشروع اجتماعي يقوم على الرغبة في بناء مجتمع عصري وديموقراطي، من قيمه التنوع والتفاعل الثقافي والتسامح، ومن هنا تكمن أهمية وجود هجرة متحكم فيها باعتبارها تمثل مصدر غنى ثقافي واجتماعي.
ومن أجل ذلك - يضيف العمراني - يتعين الأخذ بعين الاعتبار البعد الثقافي بهدف تجنب النكوص الهوياتي والتحكم أكثر في تدفقات الهجرة من خلال نهج مقاربة مشتركة بين شركاء الشمال والجنوب، وبالتالي تنسيق أفضل لمبادرات مختلف الفاعلين على المستوى الإقليمي.
من جهته أشاد وزير الخارجية الاسباني الأسبق ميغيل أنخيل موراتينوس بجودة التعاون المغربي الاسباني في مجال الهجرة ، مؤكدا أنه "بفضل المغرب، استطاعت اسبانيا النهوض بمقاربة جديدة ضمن روح المسؤولية المشتركة من أجل معالجة التدفق الكثيف للمهاجرين من جنوب الصحراء".
وأضاف أن المغرب واسبانيا سيستمران في الاشتغال سويا على ملف الهجرة ، مبرزا أن تعاونهما يؤكد أنه من الممكن الحصول على نتائج من خلال التعاون الدولي .
وذكر بأن الرباط ومدريد كانا وراء تنظيم المؤتمر الأورو- إفريقي حول الهجرة والتنمية الذي احتضنته الرباط، بدعم من فرنسا والسينغال، مضيفا أن هذا الملتقى شكل نقطة الانطلاق في اتجاه إرساء المسؤولية المشتركة في مجال الهجرة.
من ناحية أخرى، دعا موراتينوس إلى سياسة خارجية أروبية حقيقية في مجال الهجرة، مشددا على ضرورة إدراج الهجرة كأولوية في الأجندة الدبلوماسية الأروبية، واعتماد استراتيجية مشتركة بين الفضاءات الأروبية والمتوسطية والإفريقية من أجل مواجهة تحديات السياق الجيو سياسي الصعب، الذي يتميز بالصراعات فضلا عن تأثير التغيرات المناخية .
وبدوره، أعرب عميد جامعة الأممالمتحدة، نائب الأمين العام للأمم المتحدة دافيد مالون عن امتنانه للسيدة زهور العلوي، السفيرة المندوبة الدائمة للمغرب لدى اليونسكو، للدعم الذي قدمته من أجل تنظيم هذا اللقاء ، مؤكدا على أهمية هذه الندوة من أجل معرفة أفضل بقضية الهجرة.