أكد الرئيس الأميركي، باراك أوباما، أن تدابير أمنية اتخذت على خلفية تقرير مجلس الشيوخ الأميركي بشأن أساليب تعذيب اتخذتها وكالة المخابرات الأميركية في اعتقال واستجواب المشتبه بهم في الفترة التي تلت اعتداءات 11 من سبتمبر. وقال "مع الأسف كما يبين تقرير مجلس الشيوخ أننا شاركنا في بعض الأنشطة القاسية بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، هذا هو جزء من المحاسبة في بعض المشاكل المتعلقة في برنامج وكالة الاستخبارات المركزية، أعلم أن هناك مخاوف تتعلق في صدور هذا التقرير والأخطار المحتملة التي يمثلها، لقد اتخذنا التدابير الوقائية في سفاراتنا حول العالم، ليس هناك وقت مثالي لنشر تقرير مثل هذا النوع، من المهم بالنسبة لنا هو إدراك جزء مما يميزنا، وهو أنه عندما نفعل شيئا خطأ نعترف به".
ووضعت سفارات الولاياتالمتحدة عبر العالم في حالة تأهب تحسبا لردود فعل من الجماعات المتطرفة بعد صدور تقرير للكونغرس يظهر انتهاكات كبيرة وإساءة استخدام برنامج استجواب طبقه محققون ومقاولون عملوا في وكالة الاستخبارات الأميركية للحصول على معلومات من المشتبه بهم في قضايا الإرهاب بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر.
فبعد خمس سنوات من التحقيق وأربعين مليون دولار وستة ملايين وثيقة سرية تابعة لوكالة الاستخبارات المركزة ال" سي آي إي"، صدر أخيراً تقرير لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ بإشراف أعضاء ديمقراطيين ليكون أضخم تقرير شامل ومعمق عن برنامج استجواب المتهمين بالإرهاب المثير للجدل بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر.
وعلى الرغم من أن تقرير الكونغرس كشف عن حقائق معروفة سربت سابقاً، مثل احتجاز المتهمين في سجون سرية في دول أجنبية وممارسة التعذيب على حوالي 120 متهما، إلا أنه اتهم ال"سي آي إي" بأنها ضللت البيت الأبيض والكونغرس حول فعالية البرنامج وطرق التعذيب. كما أظهر التقرير أن المعلومات التي تم الحصول عليها لم تؤد إلى إفشال أية عمليات إرهابية حقيقية.
وفي هذا السياق، قالت رئيسة اللجنة السيناتور فنستاين إن ال"سي آي إي" لم تخبر الرئيس بوش أو حتى وزير الخارجية آنذاك كولن باول بحجم البرنامج حتى عام 2004، وأضافت أن الوكالة وظفت أطباء نفسيين طوروا طرق التعذيب دون أن تكون هناك مراقبة، واستعانت بمقاولين معروفين بعنفهم.
كما اتهمت الوكالة بالتخلص من تسجيلات مصوره للتعذيب، وقالت إن هناك إخفاقا كبيرا في هذا البرنامج.
من جهتهم، عارض الجمهوريون نشر التقرير لاسيما في هذا التوقيت، معتبرين أن ردود الفعل ستعرض حياة الأميركيين للخطر، لكن السيناتور فنلسنن أصرت على حق الأميركيين بمعرفة تفاصيل البرنامج. وأيد البيت الأبيض نشره، مؤكداً أن الولاياتالمتحدة لن تمارس التعذيب.
يذكر أن هذا البرنامج صادق عليه الرئيس بوش بين عامي 2001 و2009، وسمح ل"السي أي إي" باستخدام ما يسمى وسائل تحقيق مشددة، مثل الإيهام بالغرق والحرمان من النوم لمدة 180 ساعة أحياناً، إلا أن الرئيس باراك أوباما أوقف تلك الوسائل، واعترف بأنها ترتقي إلى التعذيب.
محقق أممي يطالب بملاحقة المسؤولين عن التعذيب
في المقابل، قال خبير بالأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان، إن التقرير الذي نشره مجلس الشيوخ الأميركي الثلاثاء يكشف عن "سياسة واضحة نسقت على مستوى عال داخل إدارة بوش"، وطالب بملاحقة قانونية للمسؤولين الأميركيين الذين أمروا بارتكاب جرائم ضد المعتقلين منها التعذيب.
وقال بن ايمرسون، المقرر الخاص للأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب، إنه يجب ملاحقة المسؤولين الكبار في إدارة بوش الذين خططوا وأجازوا ارتكاب جرائم، وكذلك مسؤولي المخابرات المركزية الأميركية ومسؤولين آخرين بالحكومة اقترفوا عمليات تعذيب مثل محاكاة الغرق.
وأضاف في بيان صدر في جنيف "فيما يتعلق بالقانون الدولي فإن الولاياتالمتحدة ملزمة قانونا بإحالة أولئك الأشخاص إلى نظام العدالة". وأضاف "وزير العدل الأميركي مسؤول قانونا عن توجيه اتهامات جنائية ضد أولئك المسؤولين".