لم يعد المغرب، ولله الحمد، يشكو من أزمة في الفتاوى، بل إننا أصبحنا بفضل الشيخ عبد الباري الزمزمي والشيخ أحمد الريسوني، والشيخ محمد الفيزازي، وغيرهم، من البلدان المصدرة للفتاوى. فمع الانتشار السريع الذي توفره مواقع الشبكة العنكبوتية، صار لكل يوم فتاويه، ولكل مسألة أكثر من مفتي وفتوى. آخر الفتاوى الصادرة عن الدكتور أحمد الريسوني، نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، تتعلق بالتدخين. حين أفتى الريسوني ، بتحريم التدخين والعمل في إنتاجه وترويجه، مبرزا أن الفقهاء أجمعوا على ذلك، بعد أن أجمع الأطباء وغيرهم من الخبراء على الآثار الصحية المدمرة لآفة التدخين.
وشدد الرئيس السابق لحركة الإصلاح والتوحيد، الذراع الدعوي لحزب "اللامبة"، على أن "شرب الدخان، وصناعته، وترويجه، وبيعه، وأكل أمواله، كلها أعمال خبيثة محرمة"، موضحا أن "الشرع إذا حرم شيئا، حرم كل مشاركة فيه أو تعاون عليه أو تكسب منه".
وجاءت فتوى الريسوني، على متن موقعه الخاص على الانترنت، جوابا على سؤال مواطن طنجاوي، استفسره حول "منصب جديد عرض عليه للعمل لدى شركة إماراتية لتصنيع التبغ وتوزيعه".
ونصح الريسوني المواطن السائل بالقول "أحثك على رفض هذا العرض، رغم أجرته المرتفعة، والبقاء في عملك الحالي، ولو أن أجرته أقل".
كان على الشيخ الريسوني أن يتجه أولا إلى محازبه في حزب العدالة والتنمية، وصديقه عبد الإله بنكيران رئيس الحكومة، وينصحه بعدم اعتماد مداخيل الخمور المنتجة والمستوردة ومداخيل شركات إنتاج وترويج السجائر والتبغ عموما، في إعداد الميزانية العامة للحكومة، بدل أن "يفلت" منصب شغل مهم ومجز بأجر مريح، كان سيحل به مواطن مغربي مشاكله المادية ومشاكل أسرته وعائلته.
كثير من الفتاوى تستدعي الضحك والسخرية، لكن الحق ليس على المفتي بقدر ما هو على المستفتي، كيف يستفتي جائع عن السمك، هل هو حلال أم حرام من دون ذبيحة شرعية.