قال السفير الممثل الدائم للمملكة في جنيف، محمد أوجار، امس الثلاثاء، إن المغرب يجسد دوره كفاعل وشريك يحظى بالاحترام في مجال مكافحة التعذيب والعمل على التنفيذ الكامل للاتفاقية الدولية المرتبطة به. جاء ذلك خلال جلسة رفيعة المستوى للاحتفال بالذكرى ال30 لاعتماد اتفاقية مناهضة التعذيب، عقدت في جنيف بمشاركة شخصيات بارزة، بينها المفوض السامي لحقوق الإنسان، زين بن رعد الحسين.
وأبرز أوجار، في هذا الصدد، التدابير الملموسة التي تم اتخاذها في المغرب من أجل الوقاية الفعلية للتعذيب بكافة أشكاله، لاسيما مجهودات التكوين في مجال حقوق الإنسان وتفعيل مدونة للسلوك بالنسبة لعناصر القوة العمومية، موضحا أن الأمر يتعلق بتعزيز الحماية والوقاية من سوء المعاملة في جميع حالات التفاعل والتعامل مع المواطنين.
وبعد ان تطرق للبنود التي تضمنها دستور 2011 في مجال تجريم التعذيب، قال إن تعليمات مشددة قد أعطيت لقوات حفظ النظام بشأن الاحترام الكامل، تحت طائلة العقوبات التأديبية والجنائية، لحقوق الإنسان وكرامة الأشخاص الذين يخضعون لإجراءات الاعتقال الاحتياطي والاستنطاق أو التفتيش.
وأشار إلى أن وزارة العدل والحريات بعثت بدوريات إلى النواب العامين بالمحاكم تحثهم على السهر على الامتثال الصارم لمقتضيات قانون المسطرة الجنائية المتعلقة بإلزامية اللجوء الممنهج لإجراء فحص طبي كلما كانت هناك مزاعم أو آثار للعنف على أي شخص يمثل أمام محاكمهم.
وقال السفير إن "هذه الاجراءات فعالة وأعطت نتائجها"، مذكرا بأن محكمة الاستئناف بأكادير كانت قد ألغت قبل ثلاثة أشهر حكما صدر عن المحكمة الابتدائية بكلميم، ضد تاجر مخدرات بسبب المعاملة السيئة التي تعرض لها المشتبه به.
وأعرب عن أسفه لكون هدف المصادقة العالمية على الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب لم يتحقق حتى الآن، رغم مرور ثلاثين سنة على اعتماد هذه الآلية، ولكون بلوغ عالم خال من التعذيب ليست حقيقة ملموسة بعد.
و لم تنضم، حتى الآن، 37 دولة بعد إلى الاتفاقية، كما أن 27 دولة من بين الدول التي صادقت عليها لم تقدم أي تقرير إلى لجنة مناهضة التعذيب، وفقط 65 الدول الأطراف أقرت باختصاص اللجنة لتلقي شكاوى فردية تتعلق بمزاعم التعذيب.
وقال أوجار إنه، على الصعيد الدولي، "نحن بحاجة إلى خلق ائتلاف لجعل الحفاظ على كرامة الإنسان ضد التعذيب أولوية عالمية بالفعل"، مشيرا إلى أنه في إطار هذه الرؤية تندرج المبادرة من أجل المصادقة العالمية وتنفيذ الاتفاقية، التي تم إطلاقها في مارس الماضي من قبل الشيلي والدنمارك وغانا وإندونيسيا والمغرب.
كما أبرز أوجار الخطوات التي قطعها المغرب في جهوده الرامية إلى تنفيذ التزاماته منذ أن انضم إلى الاتفاقية في سنة 1993، في سياق يتسم بمسلسل واسع من الإصلاح العميق.
وأشار، في هذا الصدد، إلى أن دستور سنة 2011 نص على التجريم المطلق للتعذيب، مذكرا بزيارة المقرر الخاص المعني بالتعذيب، خوان منديز في سنة 2012 للمغرب، في إطار انفتاح المملكة على الإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان.
وذكر السفير بأن المملكة قررت، خلال سنة 2013، الانضمام إلى البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب، مشيرا، في السياق ذاته، إلى أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان منخرط بشكل كامل في مكافحة التعذيب ويتولى دور آلية وقائية وطنية حقيقية حاضرة في جميع أنحاء البلاد، لاسيما من خلال لجانها الجهوية.
وخلال هذه الجلسة، قام المفوض السامي لحقوق الإنسان بتكريم مجموعة البلدان التي أطلقت مبادرة المصادقة العالمية والتنفيذ الفعال لاتفاقية مناهضة التعذيب.
وقال إن "المفوضية السامية تدعم هذه المبادرة بشكل كامل. فالمصادقة ليست هدفا في حد ذاتها، بل هي خطوة مهمة في اتجاه بلوغ التطبيق الكامل والشامل لمقتضيات الاتفاقية".
وبدوره، شدد رئيس لجنة الأممالمتحدة لمناهضة التعذيب، كلاوديو غروسمان، على أهمية المبادرة العالمية التي انطلقت في مارس الماضي بهدف تعزيز الالتزام بمكافحة هذه الظاهرة.
وأبرز أنه "حان الوقت لجعل اتفاقية مناهضة التعذيب واقعا ملموسا بعد 30 سنة من اعتمادها"، معتبرا أن إقرار هذه الآلية يمثل "خطوة هامة نحو تعزيز حماية حقوق الإنسان".
ويعمل كل من المغرب والدنمارك والشيلي وإندونيسيا وغانا، منذ مارس الماضي، من أجل تعاون إقليمي ودولي للمضي قدما نحو المصادقة العالمية على معاهدة مناهضة التعذيب وتنفيذها.
ويرى مؤيدو المبادرة أن مكافحة هذه الظاهرة تمثل خيارا ديمقراطيا واستراتيجيا لا محيد عنه والتزاما قويا بحماية حقوق الإنسان والنهوض بها".
وقد عرف هذا اللقاء حضور عدد من كبار المسؤولين في الأممالمتحدة، فضلا عن دبلوماسيين وخبراء دوليين وممثلين عن المنظمات الناشطة في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان.