لجأ جندي عراقي للحيلة لينجو من رصاص "داعش" التي أودت بحياة نحو 800 من زملائه في مذبحة جماعية. الجندي اتهم قادته العسكريين بالخيانة وعدم تأمين خروج آمن للمجندين وتركهم يواجهون مصيرهم، كما جاء في القصة التي أوردتها رويترز.. وادعى الجندي الشاب محمد حمود (24 عاما) أنه بدوي سني لينجو بحياته من أسوأ مذبحة كشف عنها النقاب منذ شن تنظيم "داعش" حربه في العراق. وقال حمود، من بلدته في الديوانية، إن المقاتلين احتجزوه لمدة 11 يوما في يونيو الماضي.
وكان حمود ضمن 1500 جندي أنهوا تدريبهم الأساسي حديثا وحين وردت أنباء تقدم مقاتلي "الدولة الإسلامية" تم إرسال المجندين إلى قاعدة سبايكر قرب مدينة تكريت. ويتحدث حمود بصعوبة بسبب الضرب الذي تعرض له ويكشف النقاب عن الخيانة التي تعرض لها من قادته في قاعدة سبايكر الذين وعدوا المجندين أمثاله بخروج آمن بعد استيلاء تنظيم "الدولة الإسلامية" على تكريت ولكن اقتادوهم إلى حتفهم.
وقال حمود "باعونا وخدعونا" مضيفا أنه وزملاءه لم يكن معهم بنادق أو مسدسات وأنهم وجدوا مخزن الأسلحة بمعسكر سبايكر خاويا. وذكر حمود وجنديان آخران أن اللواء الركن علي الفريجي -وهو قائد كبير في صلاح الدين- أبلغ الجنود أن ثمة اتفاقا أبرم مع القبائل للسماح برحيل الجنود.
وأضاف حمود إن الفريجي رحل وفي اليوم التالي دخل رجال القبائل القاعدة لاصطحاب المجندين. وقال "القبائل طمأنتنا بأننا تحت حمايتها وأننا ذاهبون إلى سامراء." واصطف المجندون في طابور طويل خارج القاعدة وساروا على الطريق السريع إلى تكريت، ولكنهم أدركوا الخدعة حين وصلوا للجامعة في تكريت وصدرت لهم الأوامر بأن يرقدوا ووجوههم إلى الأرض ووضعت القيود في أيديهم. وقال حمود "كل من تحرك أو رفع رأسه أطلق عليه النار".
رأى حمود وهو راقد على الأرض، امرأة تقترب وكان يأمل أن توبخ المسلحين الذين يحرسونهم لكنها شجعتهم وامتدحتهم وطلبت منهم ألا يتركوا أيا منهم على قيد الحياة. ورأى حمود أطفالا يتجمعون قرب الصف الطويل من الرجال والسيارات تقف للفرجة في حين هلل البعض الآخر عند رؤية الجنود المحتجزين.
وحسب الجندي العراقي فقد قام مقاتلو "داعش" بتقسيم المحتجزين إلى مجموعات تضم كل منها عشرة جنود وكان المحققون يسألون كل منهم عن رتبته واسم وحدته. وقال "يقيدون كل شخص يقتادونه ويضعون عصابة على عينيه ثم يعطوه شربة ماء. ثم سمعنا صيحة /الله اكبر/ وطلقات الرصاص".
وحين سئل حمود عن مسقط رأسه كذب وادعى أنه ينتمي لقبيلة شمر الكبيرة التي تضم سنة وشيعة وقال إنه من بلدة بيجي وهي بلدة سنية في الشمال. حينئذ أخرج من الصف بينما اصطحب أخوه وأقاربه للخارج حيث تجري عمليات الإعدام. وعند الفجر توقفت طلقات الرصاص ولم يتبق في المكان الذي كان يكتظ بالمئات سوى عشرين شخصا. وبدأ رجل يتحدث بلهجة سعودية التحقيق مع حمود والآخرين للتأكد من أنهم سنة بالفعل. وادعى حمود أن اسمه بندر لإخفاء حقيقة أنه شيعي. وبعد استجواب سريع قتل كل من اعتقد المحققون أنه كاذب وتقلص عدد الأحياء إلى 11.
وعن التحقيقات التي خضع لها قال حمود: "سألوني إذا كنت أصلب فقلت لا. قال أحد المحققين /خذوه ليتعلم الصلاة/ فقاموا بجري لأنني لم أكن أقوى على المشي وانهالوا علي ضربا".
ونقلت سيارة المجموعة المؤلفة من 11 شخصا لنقطة تفتيش قريبة وأعطوهم رقم هاتف للاتصال إذا ما صادفتهم أي نقطة تفتيش للدولة الإسلامية. واتجهت المجموعة المذعورة لقرية قريبة حيث يوجد أصدقاء لأحد الجنود. وقال إنهم أقاموا في مزرعة حيث اتصل رفاقه بذويهم ولكن حمود لم يفعل لأنه كان يخشى رد فعل الجنود الآخرين السنة إذا ما افتضح أمره. وهنا اعترف حمود لصاحب المزرعة بأنه شيعي وطمأنه الأخير على سلامته واتصل حمود بوالده الذي طلب أن يتحدث مع المزارع الذي تعهد بحمايته ومعاملته كأحد أبنائه.