انتقد "التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية" (RCD) الذي يعد أحد أبرز مكونات المعارضة في الجزائر، مشروع التعديل الدستوري الذي طرح على الأحزاب، معتبرا إياه ب"الهش". وقال التجمع على لسان رئيسه محسن بلعباس في أشغال الدورة السابعة للمجلس الوطني للحزب ، أمس بالجزائر العاصمة، إن مسودة الدستور الموجهة للأحزاب تؤكد "عدم جدية النهج المتبع وهشاشة التعديلات المقترحة"، وأن المشروع "لم يعالج المشاكل الأساسية المعلقة ولم يتطرق بتاتا إلى صلب الموضوع".
وذكر بلعباس في كلمته التي نشرها الموقع الإلكتروني للحزب، بأن قرار إجراء مشاورات على تعديل الدستور وفق المسودة المطروحة "لاقى رفضا صارخا من قبل المعارضة والقوى الحية من المجتمع" الجزائري، معيبا على مهندسي المسودة "تجاهل العديد من المسائل المهمة، منها التقسيم الإداري وترسيم اللغة الأمازيغية، وكذا تنظيم المؤسسات والحكم على أساس الفصل بين السلطات، بالإضافة إلى الإصلاح المؤسساتي".
واعتبر أن صياغة المشروع تمت من طرف "نفس الفاعلين والذين يعرضون علينا رفع القيد عن تجديد العهدات الرئاسية كخطوة ديمقراطية كبيرة ليعودوا ويعدلوا عن المقترح وينادوا بتقييدها كشرط وركيزة أساسية للديمقراطية".
ويأتي موقف التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية المعروف اختصارا ب(الأرسيدي) ثلاثة أيام بعد رفض عدة أحزاب سياسية جزائرية دعوة المشاركة في مسلسل التعديل الدستوري، وإعرابها عن الأسف لكون المشروع "لا يقدم حلا جامعا وذا مصداقية للمأزق السياسي والمؤسساتي" الذي تمر منه البلاد.
ويتعلق الأمر بثمانية أحزاب مشكلة ل(قطب قوى التغيير) أصدرت بيانا مشتركا في أعقاب اجتماع لها خصص لبحث اقتراحات التعديل الدستوري المطروحة من قبل السلطة القائمة، والدعوة الموجهة إلى القوى السياسية والاجتماعية للمشاركة في تحقيقها. وحسب البيان ، فإن هذه الأحزاب ترى أن "مشروع السلطة القائمة بعيد كل البعد على أن يندرج في المهمة الوطنية ذات الأولوية، وبالتحديد أولوية التغيير الديمقراطي".
وتابعت أن مثل هذه المهمة الوطنية تستدعي كنقطة انطلاق "الرجوع إلى مشروعية المؤسسات وإعادة تأهيلها حتى تتمكن من الممارسة الفعلية لمهامها الدستورية"، معتبرة أن كل مقاربة أخرى تتجاهل أو تتجنب التكفل بهذه الإشكالية "لا يكون لها أي أثر أو وقع على الأزمة السياسية الراهنة".
وجدد (قطب قوى التغيير) الذي يقوده علي بن فليس (حل ثانيا في رئاسيات 17 أبريل الماضي وراء الرئيس عبد العزيز بوتفليقة)، اقتناعه "بضرورة مسار سياسي شامل متناسق ومتوافق عليه كإطار لتسوية هذه الأزمة في كل أبعادها"، معربا عن أسفه لكون مشروع الدستور "لا يوفر هذا الإطار، وبالتالي، لا يقدم حلا جامعا وذا مصداقية للمأزق السياسي والمؤسساتي الذي هو في صلب هذه الأزمة".
وتتوالى ردود الفعل إزاء مسودة التعديل الدستوري التي عممتها رئاسة الجمهورية الجزائرية يوم 16 ماي الجاري، كأحد الوعود الانتخابية للرئيس عبد العزيز بوتفليقة خلال حملته لاقتراع 17 أبريل الماضي.
وأوضحت الرئاسة في هذه الوثيقة أن الأمر يتعلق بمقترحات في أفق مراجعة دستورية، ستحال على نحو 150 فاعل ضمنهم أحزاب سياسية ونقابات ومكونات المجتمع المدني وكذا شخصيات وطنية وأكاديمية. وأكد أحمد أويحيى مدير ديوان رئاسة الجمهورية والمكلف بقيادة المشاورات المفضية إلى هذا التعديل، أن المشاورات مع الأحزاب المعنية المرتقب الشروع فيها شهر يونيو المقبل، لم توضع لها "أي حدود مسبقة"، ما عدا "تلك المتعلقة بالثوابت الوطنية والقيم والمبادئ التي تؤسس المجتمع الجزائري". ومما ينص عليه مشروع الدستور، تحديد العهدات الرئاسية في خمس سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة، كما كان معمولا به قبل دستور 2008، وتكريس "التداول الديمقراطي"، واحتفاظ رئيس الدولة بموقعه "كقائد أعلى للقوات المسلحة للجمهورية يتولى مسؤولية الدفاع الوطني ويقرر السياسة الخارجية للأمة"، و"عدم المساس بحرمة حرية المعتقد وحرمة حرية الرأي".
إلا أن المشروع ، وعلى عكس الإشاعات التي تواترت منذ مدة ، خلا من أي إشارة لإحداث منصب نائب للرئيس، ولا لدسترة اللغة الأمازيغية كمطلب لشريحة واسعة من المجتمع .
ومن المقرر أن تعقد عدد من التشكيلات والشخصيات الوطنية الملتئمة في إطار (تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي)، "ندوة وطنية" يوم 7 يونيو المقبل، ستخصص لإعداد تصور مشترك لإصلاح النظام السياسي للبلاد.
وتعبيرا منها عن عدم مبالاتها بالمشاورات التي سيقودها أحمد أويحيى، رأت جبهة القوى الاشتراكية ( أحد أبرز أحزاب المعارضة ) ، مؤخرا ، أن الأولوية هي لإعادة بناء "التوافق" الوطني قبل تنزيل "دستور توافقي".