من المؤكد أنه بالتوقيع اليوم الاثنين، تحت رئاسة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، على الاتفاقية إطار المتعلقة بالبرنامج المندمج للتنمية الحضرية لمدينة الرباط (2018/2014)، تكون هذه الحاضرة الألفية قد دشنت، بفضل الرعاية المولوية السامية، فصلا جديدا من تاريخها التليد وهي ترنو إلى أن تكون "مدينة الأنوار، عاصمة المغرب الثقافية". ولتأكيد هذا التوجه، يكفي أن يلاحظ المتتبع عدد ونوعية المتدخلين المعنيين بهذا الورش الكبير من قطاعات حكومية ومؤسسات عمومية ووكالات للتنمية وممولين وهيئات منتخبة، بالإضافة إلى قيمة الكلفة الإجمالية للبرنامج (9425 مليون درهم) وطبيعة المحاور المستهدفة. والحال أن برنامج التنمية الحضرية للرباط يتضمن صيانة وتثمين التراث الثقافي والحضاري للمدينة والمحافظة على المساحات الخضراء وتحسين الولوج للخدمات الاجتماعية للقرب وحماية وتأهيل النسيج العمراني.. أي ما يلزم أن تشتغل عليه عاصمة مثل الرباط، في أفق 2018، وفق مقاربة أفقية تكفل التقائية التدخلات. بل إن مشهد الرباط المقبل، الذي يستند إلى رؤية ملكية مستقبلية انبنت بصبر وأناة على غرار ما تعرفه باقي حواضر المملكة مثل طنجة ومراكش تحديدا، خصص في هذا السياق بالذات مكانة متميزة لمجال لا تخفى أهميته على أحد، وهو تعزيز وتقوية البنية التحتية والشبكة الطرقية. ولأن الموضوع يكتسي أهمية حيوية بالنسبة للمدينة، فقد خصص هذا البرنامج غلافا ماليا قدره 2925 مليون درهم لتعزيز الشبكة المؤدية من وإلى الرباط وتلك الرابطة بين مختلف أحيائها من خلال تأهيل المداخل الرئيسية للمدينة وإنجاز مدار داخلي و إعادة هيكلة المدار الحضري المؤدي لشمال المملكة، فضلا عن إطلاق أشغال تهيئة وتوسيع الشوارع الكبرى. ولمواكبة هذه الإجراءات ضمن رؤية متكاملة، يتوقع هذا البرنامج أيضا إحداث وتأهيل عدد من المدارات الطرقية وخلق ممرات تحت أرضية لضمان انسيابية حركة السير على الطرقات و إنجاز دراسة شاملة لشبكات النقل والحركية داخل المجال الحضري و إعداد مواقف للسيارات تحت أرضية، بالإضافة إلى ترصيف الأزقة والشوارع وتأهيل الإنارة العمومية مع تقوية شبكات توزيع الكهرباء والتطهير السائل. وفقا لنفس الرؤية التنموية المتعددة الأبعاد، لم يكن لهذا البرنامج أن يغفل أهمية تعزيز وتحديث تجهيزات قطاع النقل الطرقي الحضري والسككي بواسطة الترامواي والحافلات، وهو المجال الذي حظي بغلاف مالي قدره 850 مليون درهم. ويتعلق الأمر هنا بإحداث محطتين طرقيتين جديدتين ومحطة جديدة للقطارات وتهيئة محطة القطار الرباط أكدال و تهيئة موقف السيارات المحاذي لمحطة الرباطالمدينة وتمديد خطي الترامواي 1 و 2 و خلق محطات مندمجة بين مختلف وسائل النقل و تعزيز أسطول حافلات النقل الحضري وتطوير بنياته وإحداث ممرات خاصة بحافلات النقل الحضري. وبالنظر إلى قيمة المشاريع المبرمجة وأهميتها، يبدو أن الرباط غدت تسير واثقة بما لا يدع مجالا للشك نحو بناء مستقبل حاضرة تمضي بهدوء وعلى مر السنين لكتابة فصل جديد من تاريخها التليد قوامه خلق اندماج أوسع بين مختلف مكونات النسيج الحضري، وفق مقاربة متكاملة وقوية بالأساس بصلابة البنيات التحتية والتجهيزات الأساسية التي تجعل من الرباط حقا "مدينة الأنوار".