خصصت غالبية الصحف الجزائرية المحلية، الصادرة اليوم الثلاثاء، عناوينها العريضة لمذكرة التوقيف الدولية التي أصدرها القضاء الجزائري في حق وزير الطاقة والمناجم السابق شكيب خليل لتورطه في "فضائح الفساد" التي هزت شركة المحروقات (سوناطراك)، معتبرة ذلك ب"سقوط" أحد "أعمدة النظام" بالجزائر. وتناقلت الصحف هذه المذكرة التي شملت زوجته وابنيه وذراعه الأيمن فريد بجاوي الذي هو ابن أخ وزير الخارجية السابق، بعناوين "شكيب خليل في قبضة العدالة"، وشكيب خليل:النهاية"، و"شكيب خليل.. المسلسل الجديد"، و"شكيب خليل وعصابته.. أثقل اختبار للعدالة الجزائرية".
ولاحظت صحيفة (لوكوتيديان دو هران) أن إعلان مذكرة التوقيف "يأتي بينما تتناسل الأسئلة حول شبه غياب تواصل العدالة الجزائرية حول فضيحة الرشوة التي تورطت فيها الشركة الإيطالية (سايبم) والمنوحة لمسؤولين جزائريين ضمنهم شكيب خليل عبر فريد بجاوي الذي يحمل جنسية غربية".
وعلقت صحيفة (الخبر) على مذكرة التوقيف/الحدث، أن هذه "أول مرة في تاريخ الجزائر المستقلة، يصدر فيها القضاء الجزائري قرارا بحجم ما طال الوزير السابق للطاقة والمناجم شكيب خليل الذي جرجر بممارساته زوجته وأبناءه في غياهب جرائم فساد". وتابعت أن اعتبار هذا الحدث سابقة نابع من كون سقف جرأة العدالة في الجزائر لم يتجاوز حد "جرجرة وزراء إلى أروقة المحاكم كشهود فقط وليس كمتهمين"، متسائلة إن كانت التحقيقات في قضايا سوناطراك "ستنحصر في الأشخاص محل التوقيف إذا علمنا أن الوزير شكيب خليل مكث في منصبه 13 سنة كاملة؟"، وإن كانت "القضايا التي طالها التحقيق والمتعلقة بتجاوزات، منحصرة في حيز زمني بثماني سنوات، مع أن تلك الصفقات وطيلة هذه الفترة كانت تمر على الهيئات الرسمية ومنها مجلس الوزراء ومجلس الحكومة؟، حيث من المفترض أن يكون في هذه الفترة عدد الأشخاص الضالعين عمدا أم غفلة أكثر مما ذكر". وتوقعت الصحيفة أن يعيش شكيب خليل هاربا باعتباره أن "حالته تشبه قضية عبد المومن خليفة المقبوض عليه في بريطانيا والذي ما زال لم يتم تسليمه إلى القضاء الجزائري الذي طلبه من أكثر من عشرية، وهو ما يعني أن شكيب خليل سيعيش ربما ما بقي له من أيام هاربا عن العدالة والشرطة في كل بقاع المعمورة".
وأشارت صحيفة (النهار) إلى أن مذكرة توقيف شكيب خليل ومن معه يشوبها تعقيد كبير لعلاقتها الوطيدة بالقضاء الأمريكي بسبب حمل المعني بالأمر الجنسية الأمريكية، موضحة أن من بين المراحل التي ستمر بها الجهات القضائية في الجزائر هي انتظار الرد الرسمي من القضاء الأمريكي الذي سيقوم بدراسة ملف المتهمين وسماعهم عبر محاضر رسمية بصفتهم أمريكيين يخضعون للقانون الأمريكي، والذي يحمي حاملي هذه الجنسية من أي ملاحقات لا تكون بقرار نهائي للقضاء الأمريكي.
وتحت عنوان "شكيب خليل وعصابته.. أثقل اختبار للعدالة الجزائرية''، رأت صحيفة (البلاد) أن هذه "العدالة وقضاتها المكلفين بالتحقيق في ملف سوناطراك لم يسبق لهم أن تلقوا ضغوطا إعلامية وسياسية مثل تلك التي تعرضوا لها خلال هاته السنة القضائية.. والسبب في ذلك يرجع إلى حوت كبير يسمى شكيب خليل". ونقلت الصحيفة عن فاروق قسنطيني رئيس اللجنة الاستشارية الجزائرية لترقية وحماية حقوق الإنسان قوله أن التحرك "اللافت" لمصالح العدالة الجزائرية قد تقابله بعض المعوقات الأخرى على خلفية تمتع شكيب خليل بالجنسية الأمريكية مما يجعله مواطنا أمريكيا كامل الحقوق، وهي وضعية قد تعقد من تنفيذ أمر تسليمه إلى السلطات الجزائرية.