في الوقت الذي يتحدث فيه رئيس الحكومة عن العفاريت والتماسيح التي تقض مضجعه، وتحول دون حكومته ودون تنفيذ برنامجها الذي تقول انه يهدف إلى محاربة الفساد وإعمال مبدأ الحكامة الجيدة الذي اقره الدستور، يتغاضى الطرف عن الاختلالات والفساد الذي ينخر بعض المؤسسات التي تدخل تحت إشرافه المباشر.. ومن بين هذه المؤسسات التي استشرى فيها الفساد وأصبحت رائحة فضائحها تُزكم الانوف، هناك وكالة الشراكة من أجل التنمية التي تعرف اختلالات في التسيير والتدبير، بحيث تحوم كثير من الاسئلة حول ما يجري داخلها..
الوكالة المحدثة بالقانون رقم 35-07، طبقا للظهير رقم 1-08-12 الصادر في 18 صفر 1429 ،26 فبراير 2008، والتي أنيطت بها مهمة تنفيذ و إنجاز البرنامج موضوع اتفاقية " ميثاق تحدي الألفية"، اصبحت في ظل حكومة العدالة والتنمية تعرف بعض الممارسات التي لا تمت بصلة بالهدف الذي من اجله احدثت.
وإذ كانت الاتفاقية الآنفة الذكر، والمبرمة بتاريخ 31 غشت 2007 بين كل من حكومتي المملكة المغربية و الولاياتالمتحدةالأمريكية، تروم بناء قواعد الحكامة الجيدة و التشاور الموسع و الاستشارة مع الساكنة المستفيدة و كذلك على أساس تنمية اقتصادية و اجتماعية و بيئية مستدامة، فإن ما قام به رئيس الحكومة مؤخرا بعيد كل البعد عن كل هذا، حيث تم اعفاء مديرها بشكل سري، من طرف بنكيران، وتم تعيين مديرة جديدة "حسي مسي" اسمها مليكة عسري.
ويتساءل المهتمون بالشأن السياسي والاقتصادي بالمغرب حول دور شخص يسمى "العمراني"، يقوم بتدبير مالية الوكالة الدولية رغم انه امّي وجاهل بكل الامور المالية ، كما يتساءل الراي العام الوطني حول كيفية توزيع الدعم المالي على المقاولالت، وما هي المعايير المعتمدة في ذلك وما هي هذه المقاولات المستفيذة. .
أين هي الشفافية يا سادة العدالة والتنمية؟ اين يمكن تصنيف عملية دعم الوكالة وإعانتها للشركات والمقاولات والجهات الموالية لحزب العدالة والتنمية؟ اهو نموذج من الشراكة اعتمادا على الشفافية ام هو عين الريع والرشوة التي يتبجح حزب العدالة والتنمية بمحاربته؟
ماذا عن هذا الصندوق الاسود، الذي يجهل اغلب المغاربة عن وجوده، في الوقت الذي يستعمله حزب رئيس الحكومة لإغداق العطاء على بعض الجهات التي تخدم اجندة وتوجهات حزبه؟ هل سيتم اقفال هذه الوكالة التي تعتبر صندوقا سريا اسودا تابعا لرئيس الحكومة والذي يستغله لدعم ما يشاء من مقاولات موالية له؟.
ورغم ان اموال هذه المؤسسة، التي تتمتع بالشخصية المعنوية و بالاستقلال المالي، تأتي جلها من الاعانات الامريكية، فإن طريقة تدبيرها وتسييرها، وكذا العقلية المتحكمة في مزاج المشرفين مباشرة عليها(رئاسة الحكومة)، ليس لها أي صلة بالمبادئ التي يدعو إليها حزب العدالة والتنمية، والتي يحاول الظهور في كل وقت وحين أمام المغاربة بأنه أنظف من "بونظيف"، وانه لا يريد إلا الخير لهذه البلاد، وهو يظهر حماسا زائدا في معركته ضد طواحين هواء وهمية كما فعل ذات زمن بطل الروائي الاسباني سيرفانتيس "الدون كيخوط"، مع العلم ان أخطر انواع التماسيح والعفاريت هي تلك التي تعشش في بيت بنكيران دون علمه، أو بتواطؤ منه ...
والغريب في الامر أن هذه المؤسسة "التمساحة" اصبحت تعرقل حتى انشطة بعض الوزراء العاملين داخل حكومة بنكيران، فهي تتدخل في برمجة الندوات الصحفية، وتوزع الدعم على بعض الجرائد التابعة "مصلحيا" لرئيس الحكومة وحزبه، وتتحكم في بعض الوزراء الذين لا ينتمون لحركة التوحيد والإصلاح. بل انها تقوم بفرض برامج على بعض الوزراء وتحد من تحركاتهم..
فهل سيفتح المجلس الأعلى للحسابات تحقيقا حول ما يجري في هذه المؤسسة التمساحة؟ وهل يكشف لنا رئيس الحكومة عن الفساد المستشري فيها ويعفينا بذلك من الكتابة يوميا حول هذا الموضوع؟