عادت السفيرة المغربية زهور العلوي إلى مكتبها في برلين انطلاقا من أول أمس الاثنين، وذلك بعد إقدام الحكومة الألمانية الجديدة على تغيير خطابها تجاه المغرب، والعمل على نزع مسببات الأزمة التي سبق للخارجية المغربية أن تحدثت عنها في بلاغها الشهير شهر ماي الماضي. ولا يمكن إدراك التغير في الخطاب الألماني تجاه المغرب بين عهد المستشارة أنجيلا ميركل وخلفها أولاف شولتز إلا بإجراء مقارنة بين إعلان وزارة الخارجية الخاص بالعلاقات الثنائية بين البلدين الصادر مؤخرا، وتحديدا في 13 دجنبر 2021، وبين سابقه المنشور بموقع الوزارة نفسها بتاريخ 9 فبراير 2021 والذي انتقل حاليا إلى الأرشيف، ليتضح أن أمورا مثل قضية الصحراء المغربية والدور الإقليمي للمملكة أضحى حاضرا في ذهن مسؤولي برلين. وأول ما يمكن الانتباه له لدى مقارنة الوثيقتين هو حضور بصمة الأزمة الدبلوماسية الأخيرة، ففي الإعلان السابق تقول ألمانيا إن العلاقات بين البلدين "ودية وخالية من التوتر"، وهي العبارة التي حُذفت من الإعلان الجديد، كما استُبعدت عبارات فيها نوع من "التعالي" ومحاولة "للتدخل" في شؤون المغرب الداخلية، على غرار حذف فقرة تقول "تعمل ألمانيا على دعم المغرب في مجالات التنمية الديمقراطية وسيادة القانون والمجتمع المدني وحقوق الإنسان". وحملت النُسخة الجديدة إضافات مهمة، من بينها الحديث عن "إطلاق المغرب لإصلاحات واسعة النطاق خلال العقد الماضي"، ثم التطرق إلى دور المملكة الإقليمي بالقول إنها "تلعب دورا مهما في الاستقرار والتنمية المستدامة في المنطقة، ويتجلى هذا في التزام المغرب الدبلوماسي بعملية السلام في ليبيا"، وهو أمر مثير للانتباه كون أن إحدى مسببات الأزمة وفق الخارجية المغربية التي تحدثت سابقا عن "المحاربة المستمرة التي لا هوادة فيها للدور الإقليمي المغربي وتحديدا بالملف الليبي". لكن الإضافة الأهم كانت هي تلك المتعلقة بملف الصحراء المغربية، ففي حين كانت النسخة السابقة من الإعلان تتغاضى عن الأمر تماما، جاء في النسخة الجديدة "تدعم ألمانيا المبعوث الشخصي (للأمين العام للأمم المتحدة) في سعيه للوصول إلى حل سياسي عادل ودائم وقبول للطرفين"، لكنَّ ما يساير موقف المغرب في ذلك هو اشتراط الخارجية الألمانية أن يكون ذلك على أساس قرار مجلس الأمن رقم 2602 الصادر سنة 2021، والذي رحب به المغرب وانتقدته جبهة "البوليساريو"، بالإضافة إلى الإشارة إلى أن المملكة "قدمت مساهمة مهمة للوصول إلى حل عام 2007 عبر مخطط الحكم الذاتي".