دخلت العلاقات الدبلوماسية بين المغرب وروسيا مرحلة "الأزمة الصامتة" التي أضحت تظهر بوادرها تدريجيا، ووصلت حد مغادرة سفير موسكو للرباط دون إبداء الأسباب بعد أيام من قرار هذه الأخيرة وقف رحلاتها الجوية المباشرة صوب الأراضي الروسية، وهو الأمر الذي يتزامن مع شروع الروس في البحث عن موطئ قدم عسكري في منطقة الساحل والصحراء عبر مرتزقة "فاغنر" في ظل وجود معطيات عن بحثهم التعاقد مع مسلحي جبهة" البوليساريو" الانفصالية. وبدأت ملامح الأزمة بين الرباطوموسكو في الظهور يوم 5 أكتوبر 2021 حين قرر المغرب وقف الرحلات الجوية المباشرة من وإلى روسيا، الأمر الذي تزامن مع ارتفاع أعداد الإصابات والوفيات بسبب فيروس كورونا بشكل قياسي في هذا البلد، لكن المثير في الأمر هو أن المملكة فضلت عدم تقديم أي توضيحات رسمية حول هذا الإجراء الذي أعلنته السفارة الروسية في الرباط، والتي عادت بعدها بأيام لتعلن إجلاء رعاياها من المغرب وتخصيص طائرات لنقل الطلاب المغاربة الذين يدرسون في روسيا إلى بلادهم. واتخذ الموضوع أبعادا أخرى بعد تقديم موسكو طلبا رسميا لجامعة الدول العربية في العاصمة المصرية القاهرة تطلب فيه تأجيل الدورة السادسة من منتدى التعاون الروسي العربي الذي كان مقررا بالرباط يوم 28 أكتوبر 2021 إلى نهاية السنة، وتلا ذلك مغادرة السفير الروسي لدى المملكة، فاليريان شوفيف، صوب بلاده الأسبوع الماضي بشكل صامت، دون صدور أي توضيح من طرف الخارجية الروسية أو السفارة. ويأتي ذلك تزامنا مع اتجاه أنظار العالم إلى الموقع الروسي الجديد في غرب إفريقيا ودول منطقة الساحل، والذي بدأ بتمكن قوات "فاغنر" من الظفر بعقد تدريب مع الجيش المالي، الأمر الذي أعربت فرنسا والولايات المتحدةالأمريكية اعتراضهما عليه، كما أعلن قادة المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا اعتراضهم عليه خلال قمتهم الأخيرة التي احتضنتها العاصمة الغانية آكرا. ويشكل هذا الأمر خطرا في المنطقة سواء أمنيا وعسكريا، أو من حيث الاستثمارات الاقتصادية، وتحديدا وجود مخاوف من تهديد سلامة خط الغاز النيجيري الذي يتفرع إلى مالي عبر غانا وبوركينافاسو، وهو الخط الذي حاولت الجزائر إقناع أبوجا بإلغائه وإحياء المشروع المشترك التي يربطها بها، لكن دون فائدة. لكن الأخطر يبقى هو علاقة مرتزقة "فاغنر" بجبهة "البوليساريو"، الذي يجد سنده في التحالف الجزائري الروسي، إذ جرى مؤخرا تداول معطيات حول إمكانية دخولهم على خط الصراع في الصحراء من خلال تدريب المسلحين الانفصاليين، بل ومشاركتهم ميدانيا في بعض "العمليات" المحتملة، بعد أن فشلت محاولات الجبهة سابقا في الاقتراب من الجدار الأمني العازل وبالتالي لم تتمكن إقناع العالم بوجود "حرب" في المنطقة.