دخلت الدبلوماسية الفرنسية في مشاحنات وأزمات مع عدد كبير من الدول بما في ذلك الكبرى الحليفة مثل الولاياتالمتحدةوأستراليا، ناهيك عن أزمة جديدة متوقعة مع العملاق الصيني. فيما تواجه باريس سلسلة مختلفة من الأزمات والمشاحنات في علاقاتها الدولية في مختلف أرجاء الكوكب، مع تركياوالولاياتالمتحدةوأسترالياوالجزائر وحتى مالي، توجه نواب فرنسيون يتقدمهم وزير دفاع سابق في زيارة تضامن إلى "تايوان"، الأمر الذي رأت فيه بكين سببا يهدد بالإضرار بمصالحها وبالعلاقات مع باريس وبصورة "فرنسا" ذاتها، في حين رفضت الخارجية الفرنسية الاحتجاجات الصينية مشددة على أن أعضاء مجلس الشيوخ الفرنسي أحرار في "تنقلاتهم". ويبدو من الرد الفرنسي أن الدبلوماسية الفرنسية تصر على مواصلة نهج "المواجهة" والصدام حتى مع الصين، على الرغم من الأجواء العاصفة المحيطة بعلاقاتها مع عدد من الدول وخاصة الجزائر والتبعات الوخيمة التي قد تنجم عن ذلك. علاقات فرنسا مع الجزائر كانت توترت بشدة بعد أن صدرت عن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تصريحات شككت في وجود أمة جزائرية قبل الحقبة الاستعمارية الفرنسية، وقوله بأن "النظام السياسي العسكري الجزائري أعاد كتابة تاريخ الاستعمار الفرنسي للجزائر على أساس كراهية فرنسا"، ما أثار حفيظة نظام العسكر بالجزائر الذي رد باستدعاء سفيره في باريس وغلق المجال الجوي أمام الطائرات العسكرية الفرنسية. وفي هذه المناسبة، مست التصريحات الموجهة إلى الجزائرتركيا وزادت من حدة توتر متواصل مع تركيا وصل حد التحالف عسكريا مع اليونان في المتوسط في ظل أزمة بين أثينا وأنقرة وخاصة على ثروات المتوسط. وفي هذا السياق، رأى عمر جليك، المتحدث باسم "حزب العدالة والتنمية" الحاكم في تركيا أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون "يهاجم تركيا للتهرب من مواجهة إرث بلاده الاستعماري"، مشيرا في تعليق على الأزمة بين باريسوالجزائر إلى أن الأخيرة "تطالب فرنسا بمواجهة ماضيها الاستعماري، إلا أن ماكرون عوضا عن ذلك يوجه الاتهامات لتركيا من خلال الإشارة إلى الإمبراطورية العثمانية"، وأن ما صدر عنه لا يصدر عن "رئيس دولة". وكان التوتر في علاقات فرنسا امتد مؤخرا إلى مالي، مستعمرتها السابقة في إفريقيا، وظهرت تجليات ذلك في استدعاء الخارجية المالية للسفير الفرنسي للاحتجاج على "التصريحات غير الودية والمهينة الصادرة عن الرئيس ماكرون بخصوص مؤسسات الجمهورية". وكان ماكرون قد قال في تصريح قبل عدة أيام إن "شرعية الحكومة الحالية في مالي باطلة ديموقراطيا"، وهاجم بشدة رئيس الوزراء المالي تشوغويل كوكالا مايغا لأنه قال إن فرنسا بصدد "التخلي" عن مالي. شرارات التوتر تطايرت حتى بين ضفتي المانش، حيث حذر رئيس الوزراء الفرنسي جان كاستيكس، لندن من أن بلاده ستعيد النظر في "العلاقات الثنائية" مع بريطانيا، على خلفية خلاف على حقوق الصيد بين البلدين. ودعا كاستكس، الاتحاد الأوروبي إلى أن يكون "أكثر حزما" تجاه بريطانيا، متوعدا بأنه "إذا لم يكن ذلك كافيا، سنضغط، لدفع البريطانيين لاحترام تعهداتهم وسنعيد النظر في كل الشروط المدرجة في الاتفاقيات التي أبرمت برعاية الاتحاد الأوروبي، بل كذلك بالتعاون الثنائي بيننا وبين المملكة المتحدة". وصرّح رئيس الحكومة الفرنسية بعدم إمكانية التسامح مع بريطانيا متهما إياها بأنها لا تحترم التزاماتها بشأن "بريكست"، مشيرا إلى أن التعاون الثنائي بين البلدين "في خطر. وكانت مشاعر الغضب قد عصفت بباريس في أعقاب إلغاء أستراليا عقدا بالمليارات لشراء غواصات من فرنسا واستبدالها بغواصات من تصميم أمريكي في إطار تحالف "أوكوس" الأمني الجديد مع واشنطنولندن. وتبدو باريس في علاقاتها الدولية في وضع هجومي متوتر فاغلب أزماتها مع الدول غير الحليفة ناجمة عن تصريحات نارية من ساستها، الأمر الذي ظهر بوضوح خاصة في الأزمة مع الجزائر، علاوة على ما ينغص علاقاتها مع الحلفاء الكبار في المعسكر الغربي مما تعده فرنسا خذلانا مثلما حدث في صفقة الغواصات مع استراليا. المصدر: عن موقع "روسيا اليوم" بتصرف